Click Here For English Menu 

 

 

 

Libyan Constitutional Union

 

http://www.libyanconstitutionalunion.net  

&

   http://www.lcu-libya.co.uk

 

 


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الإتحاد الدستوري الليبي: تأسيسه ونشأته

مقالة توثيقية بقلم محمد بن غلبون

Click for English translation

 

 

سيطّلع القارىء فى حلقات هذه المقالة التوثيقية على سرد لوقائع تاريخية حدثت مجرياتها فى فترة هامة من تاريخ بلادنا، رأيت من الواجب الوطني تسجيلها ونشرها، حتى لا تندثر ونفقد معها صلتنا بجوانب هامة شكلت جزءً من تاريخنا المعاصر. ولأن هذه الوقائع والأحداث تتعرض لمواقف بعض الأشخاص الذين كانوا أطرافا فاعلين فيها، فكان لابد من تسجيل مواقفهم كما حدثت فى سياق مواضعها فى تلك الوقائع والأحداث المعنية. ومن ثمة، فإن نشرها فى الوقت الحاضر، وبعد مضي ما يقرب من ربع قرن من الزمان على حدوثها، ليس الغرض من ورائه نقد أو تجريح أؤلئك الأشخاص، بقدر ما هو محاولة متواضعة للتعريف بجزء من تاريخنا المسكوت عنه. ولهذا، أرجو أن لا يتم تأويل هذا الغرض، وأن لا يتم تحميل كاتب هذه المقالة ذنب سوء ظن الآخرين بما أحتوت.

 

         

تحتوي هذه الصفحة على الجزء رقم (16)

 
 
         
الجزء الخامس الجزء الرابع الجزء الثالث الجزء الثاني

الجزء الأول

 
الجزء العاشر الجزء التاسع الجزء الثامن الجزء السابع الجزء السادس
الجزء    15 الجزء    14 الجزء    13 الجزء   12 

الجزء    11

الجزء   20 الجزء    19 الجزء    18 الجزء    17

الجزء   16

الجزء 22       الجزء  21
    البيان الختامي    
 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء السادس عشر

[2] الإعلان عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي

 

نوري رمضان الكيخيا ..

هناك أفراد يملكون سمات شخصية جذابة ومؤثرة فى أفراد الأوساط الإجتماعية المحيطة بهم، وآخرين ـ على العكس منهم ـ تتسم شخصياتهم بصفات طاردة ومنفرة للآخرين منهم؛ وما بين الفئتين يقع ترتيب الناس فى درجات مختلفة ومتفاوتة من حيث إحتواء شخصياتهم لسمات الجاذبية أو النفور، وفى الوسط بين أقصى طرفي النقيض يتكاثف معظم أفراد البشرية بسمات شخصياتهم الإعتيادية.

وإذا إقتربت ـ فى هذا الإطار ـ شخصية المرء من خلال إحتوائها على ملكات الجاذبية المتعددة من حدودها القصوى، فذلك يعنى بإن صاحبها يمتلك فى نفسه ـ بالضرورة ـ سمة الكاريزما التى تؤهله للعب دور القائد لأفراد محيطه الإجتماعي أو السياسي أو غيره، وذلك بما تفرضه مغناطيسية شخصيته على الآخرين للإلتفاف حوله فى تبعية وطواعية تامة.

ومن جانب آخر، فإن إمتلاك المرء للسمات المنفرة بأقصى حدودها الممكنة، يجعله ذلك ـ تباعاً ـ شخصية مكروهة، يتم تجنبها وتحاشى التعامل معها من قبل الآخرين، هذا على الرغم من أنه ـ فى كثير من الأحيان ـ لا حيلة لصاحب هذه الشخصية إزاء (بعض) السمات المنفرة التى أحتوتها نفسه.

بمعنى، إنه ـ فى هذا المنوال ـ تنقسم السمات التى تتحكم فى صنع شخصية الإنسان الجذابة أو (نقيضتها) المنفرة، إلى فئتين، إحداها مكتسبة، والآخرى فِطْرية، ورغم أنه ليس (هنا) المجال لتعديد جوانب هاتين الفئتين المختلفة، إلاّ أنني أجد نفسي مضطراً للإشارة إلى أحد أمثلتها الرئيسية من أجل توضيح هذه النقطة للقراء.

إن أحد أبرز سمات الجاذبية فى الإنسان هى سمة الجمال التى تنقسم فى نفسها إلى سمتين، الأولى نجدها متمثلة بوضوح فى سمة جمال المظهر أو الشكل. والثانية تتمثل فى سمة جمال الذات. وتنقسم سمة جمال الذات بدورها إلى سمتين، إحداهما تكمن فى جمال النفس أو الروح، والثانية تتجلى كينونتها فى جمال الفكر أو العقل.

وجمال أو بهاء الشكل ـ هو أحد سمات الفطرة ـ الذى يولد الإنسان به، ليجذب الآخرين لصاحبه أو صاحبته منذ الوهلة الأولى، والذى يرادفه على الجانب الآخر الجمال الذاتي، الذى لا يعوض صاحبه أو صاحبته ـ فى أغلب الأحيان ـ عن جمال المظهر فحسب، بل (إنه) يتعداه فى تأثيره على الآخرين بصفاته الخلابة المتمثلة فى السمو الأخلاقي، أو السمو الفكري، أو الأثنان معاً.

ويمكن للمرء فى هذا الصدد تحصيل سمتي جمال الذات وإكتسابهما من خلال تطهير نفسه من مكاره الأخلاق السيئة، وترويضها على تشرب وممارسة مكارم الأخلاق الحميدة، لتعتمر نفسه بسمة السمو الأخلاقي. كما يمكن للمرء ـ من الناحية الآخرى ـ العمل على صقل عقله بالعلم والمعرفة، وتدريبه على التدبر والتفكير، لتحصيل سمة السمو الفكري.

ومن هنا، نجد ـ فى هذا المضمار ـ إن بعض أفراد البشر تعتمر أرواحهم بطهارة الأخلاق الحميدة التى تجذب الغير إليهم، وآخرين تكمن جاذبيتهم فى عقولهم العامرة بالفكر والمعرفة؛ ويمكن للمرء الإلمام بالسمتين السابقتين معاً، وربما يحظى ـ علاوة عليهما ـ بجمال الشكل (الفطري) الذى يهبه الله لبعض أفراد البشر عند تكوينهم.

وهناك ـ بالطبع ـ عوامل كثيرة أُخرى مكتسبة وفطرية تلعب دوراً هاماً فى صنع شخصية المرء التى تستأثر بقبول الآخرين لها والإنجذاب إليها من عدمه، والتى ـ كما سبق الذكر ـ ليس هنا مجال الحديث عنها.

** * **

لم يكن ما سبق سرده حول الجاذبية والنفور فى الشخصية الإنسانية درساً حلى لي حشره فى هذا المقال بغية الإستعراض المعرفي غير الضروري لسياق الحديث الجاري، بل إن السرد السابق حول سمات الجاذبية والنفور فى الشخصية الإنسانية بوجه عام، كان مقدمة ضرورية وهامة فرضتها طبيعة الشخصية المتناولة بين أيدينا فى هذا الجزء من المقال، وهى شخصية نوري الكيخيا، والتى بدون توضيح وشرح مقدار جاذبيتها وتأثيرها فى محيطها الإجتماعي، لا يمكن لنا رؤية الصورة الكاملة لوقائع الأحداث التى صنعتها هذه الشخصية بسلوكها العدائي لأمر تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي.

فلقد كان لشخصية نوري الكيخيا المالكة لنصيب مناسب من سمة الجاذبية الذاتية ـ وعلى وجه التحديد الجاذبية العقلية ـ دورها الكبير فى التأثير على سمعة وعمل الإتحاد الدستوري الليبي فى مهد تكوينه، وذلك بعد مناصبته له بالعداء الفج، الذى كان فى جله يهدف لإجهاض قيامه وعمله المسخر لتحقيق أهدافه الوطنية المرسومة.

ونجد، فى هذا السياق، بإن الجانب الفكري المكتسب لصالح سمة جمال الذات فى شخصية نوري الكيخيا، قد منحه ملكة الحضور العقلي البراق بين أفراد الجماعات الليبية فى الخارج، وذلك بعد أن أكتست شخصيته بقبول (مدوي) بينها، كان له مردوده المثمر فى إكتسابه لآذان صائغة لسماع أفكاره وآرائه حول القضية الليبية فى داخل دوائرها وأوساطها المختلفة، التى لم تكد تخلو معظم ـ إن لم يكن جل ـ مجالسها من حضوره ووجوده بينها.

إذن، نوري الكيخيا يُعد من ـ تلك ـ الشخصيات التى تملك الجاذبية والتأثير فى الآخرين عن طريق حديثها الفكري الشيق المقرون ببلاغة كلامية معسولة تستحوذ على أفئدة مستمعيه، وتزدان شخصيته ـ إلى جانب ذلك ـ بنخوة وطنية صادقة، مفعمة بمشاعر الحب الأصيل لأرض الوطن.

ولعله (أيضاً) من الجدير بالذكر ـ فى هذا السياق ـ الإشارة إلى إنه رغم عدم وجود علاقة شخصية مباشرة تربطني بنوري الكيخيا، إلاّ إنه كانت هناك علاقة وطيدة بين عائلتينا، لا يقتصر قياس مداها على مقدار أعمارنا الشخصية، بل تعود بجذورها إلى أجدادنا، بفترة زمنية تمتد إلى مئة سنة ويزيد، أكتست الروابط الودية المتبادلة ـ فى أثناءها ـ بين أسرتينا بكافة أواصر المعزة والمحبة. ورغم الخلاف البائن فى وجهات النظر المتولد عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، فيم بيني وبين نوري الكيخيا، إلاّ أن علاقتي الشخصية به لم تتأثر، ولم تكتسيها غشاوات الفتور والعداوة الذى أكتنفت علاقتي ببعض الآخرين الذين أستعرتهم حمى الضغينة والعداء لي ولكيان الإتحاد الدستوري الليبي فى مواقف مماثلة.

** * ** 

قبل الإسترسال فى الحديث عن موضوع هذا الجزء الذى يدور حول الوقائع التى شكلت موقف نوري الكيخيا إزاء تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، أجد لزاماً (علي) أن ألفت إنتباه القارىء إلى نقطتين هامتين:

النقطة الأولى: إن موقف نوري الكيخيا المعادى لكيان الإتحاد الدستوري الليبي (كان) ينطلق من دافعين، أحدهما شخصي يتعلق بتجربته الخاصة التى أدت إنعكاساتها الخاطئة إلى تشكيل موقفه الذى سيتم تناوله بالتفصيل الدقيق فيم سيأتي. إما الدافع الآخر، فهو تنظيمي، ويتعلق بكون صاحبه أحد قيادات تنظيم التجمع الوطني الديمقراطي (وسوف يتم التطرق لتفاصيل هذا الدافع فى أحد الأجزاء القادمة، المخصصة للحديث عن مواقف التنظيمات والفصائل الليبية المعارضة).

النقطة الثانية: تتعلق بمقالة نشرها نوري الكيخيا على بعض المواقع الليبية بتاريخ 21 يونية 2007 تحت عنوان (لو بالأماني.. لجعـلناها عـلى الطراز السويدي) [1]، والتى حملت فى ثناياها رأيه وتقييمه لحمى المنافسة فى مرحلة النضال الوطني الذى خاضته تنظيمات المعارضة الليبية المختلفة منذ فترة بزوغها عبر عقدي السبعينات والثمانينات، وحتى أفولها أو تجمد نشاطاتها فى مرحلة لاحقة، إلى جانب تناوله لبعض النقاط الآخرى، التى كانت فى مجملها رداً على مقالة أحدهم فى هذا الخصوص، والتى يهمنا منها فى هذا السياق ما أكتنفته فى طياتها من إعتراف صريح من صاحبها بصحة توجه فكرة الإتحاد الدستوري الليبي، وتضمنت حثه للآخرين بالإقتداء به فى الإعتراف (مثله) بصدق هذه الحقيقة الجلية.[2]

والأمر الذى أراه جدير بالذكر حول النقطة الثانية، يتمثل فى موقفنا الراسخ من تسجيل الوقائع التاريخية التى صاحبت تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي بكامل حقيقتها فى هذه المقالة، والتى لا نحيد عن نسقها ـ الذى أتخذناه هدفاً لنا ـ ولو بقيد أنملة.

بعبارة أُخرى، إنه ليس هناك قوة مادية أو إعتبارية قادرة على إرغامنا على حجب حقيقة مواقف الشخصيات التى يتم تناولها فى هذا المقال، ولن تساورنا أنفسنا ـ فى هذا الصدد ـ على مجاملة إحداها على حساب الكشف عن الحقيقة وإبرازها للقارىء.

والمعنى هنا، إن مقالة نوري الكيخيا ـ المشار إليها أعلاه ـ والتى تضمنت فى ثناياها على إعترافه الصريح بصحة توجه فكرة الإتحاد الدستوري الليبي، وأحتوت على تحفيزه للآخرين للإعتراف مثله بهذه الحقيقة الواضحة، والتى تدل على موقف مشرف أبرزته شجاعة معهودة فى صاحبها، ونزاهة مستمدة من ضميره الواعي. إلاّ أنه رغم ذلك، فإننا لا نملك فى هذا الغمار أمر مجاملته ـ بتأثير من موقفه الأصيل المعلن الذى نجله ونوقره بأسمى آيات التقدير والإحترام ـ على حساب أمانة الكشف عن الحقائق الثابتة.

وقد تصادف عند نشر مقالة نوري الكيخيا ـ المنوه عنها  ـ أن كان هذا الجزء الذى يتناول شخصيته ماثل للكتابة، ولأن موقفه إزاء الإتحاد الدستوري الليبي قد أتسم بعداء سافر (فى السابق)، ونجحت شخصيته المالكة لجاذبية التفكير العقلي فى الترويج لمغالطات وآراء هدامة بين صفوف أفراد وجماعات المعارضة الليبية حيال تأسيسه، مم كان له أشد الضرر على نشاط الإتحاد الدستوري الليبي فى مهد تحركاته لنشر فكرته بين جموع الليبيين فى الخارج.

وفى هذا السياق، لم يقل تأثير نوري الكيخيا فى إلحاق الضرر بنشاط الإتحاد الدستوري الليبي فى فترة تأسيسه وسعيه لنشر فكرته وتحقيق الإلتفاف حولها بين أفراد التجمعات الليبية فى الخارج، عن تأثير محمد السيفاط ومصطفى بن حليم فى هذا الصدد، فقد نجح هؤلاء الثلاثي بتشنيعاتهم المتواترة فى تشويه سمعة الإتحاد الدستوري الليبي فى أوساط المعارضة الليبية ـ من خلال حملاتهم العدائية المسيئة لتوجهه ـ وفوتوا عليه (بذلك) فرصته العادلة لطرح فكرته فى جو نقي لا تسود خلفيته أفكاراً مشوهة ومغلوطة حوله.[3]

ومن هنا، فقد كان من الطبيعي أن يتم نشر هذا الجزء متضمناً للحقائق التامة لموقف نوري الكيخيا إزاء تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، بدون إجراء أية رتوش تمليها عواطف المحاباة التى ربما تتولد نتيجة لإعترافه الشجاع ـ الذى حوته مقالته المشار إليها ـ لصالح الإتحاد الدستوري الليبي.

وهذا ما يعزز صدق توجهنا بإن جل هدفنا من كتابة هذه المقالة التوثيقية يكمن فى تسجيل حقائق ووقائع من تاريخنا المسكوت عنه، وليس بغرض النيل من الشخصيات المتناولة فيها؛ وهذا ما تؤكده ـ من ناحية ثانية ـ وتعبر عنه المقدمة المدونة أعلاه، والتى تم المواظبة على تكرار نشرها (كما هو ملحوظ) فى كافة أجزاء هذه المقالة المتسلسلة، وبالتحديد فى الحيز الذى يدنو عنوانها مباشرة.

ولعله ـ من باب الضرورة ـ فى هذا المقام التذكير بما سبق نشره فى التمهيد الذى تصدر الجزء الأول من هذه المقالة المتسلسلة، بإن الدافع من وراء كتابتها يكمن فى محاولتنا الرد على التساؤل الذى طرحه الأستاذ فرج الفاخري فى الجزء الثاني ـ من مقالته الفرص الضائعة ـ المنشور على موقع ليبيا وطننا بتاريخ 23/9/2005م. (راجع تفاصيل هذا الموضوع فى فقرة التمهيد التى أحتواها الجزء الأول من مقالة الإتحاد الدستوري الليبي)[4].

** * **

لقد كانت معتقدات الفكر التحرري تسود قناعات نوري الكيخيا الفكرية فى الفترة التى صاحبت تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، ولعل إحدى أبرز تلك المعتقدات فى فكره ـ وفكر جل رعيل الفئة المثقفة فى فترة ما بعد الإستقلال ـ تتمثل فى رؤيته بعدم صلاح النظام الملكي لحكم ليبيا، وإيمانه (بوجوب) قيام الثورة التحررية الشاملة، التى أنتشر مفهومها مع ظهور تيارات الفكر القومي بين أوساط مثقفي بلاد المشرق العربي، لينعكس تأثيره فى سلسلة من الإنقلابات العسكرية التى عملت على إخفاء معالم حقيقة أطماع القائمين بها من زمرة صغار ضباط القوات المسلحة فى الوصول للسلطة والسيطرة عليها من خلال تنكرهم بقناع الثورة وشعاراتها البراقة الداعية للحرية والوحدة والمساواة.

ولذلك لم يكن مستغرباً (لو) قام نوري الكيخيا ـ فى هذا السياق ـ بالطعن فى فكرة وتوجه وأهداف الإتحاد الدستوري الليبي عند الإعلان عن تأسيسه، ولكن الذى كان يبعث على الإستغراب والإستهجان هو محاولته الطعن فى مصداقية أساس قيامه، من خلال تشكيكه فى أمر موافقة ومباركة الملك إدريس (رحمه الله) لأمر تأسيسه، فأطلق العنان لنفسه فى إثارة الشكوك حول موافقة الملك على تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي بين أوساط التجمعات الليبية فى الخارج، كلما سنحت له فرصة التواجد بينها. وتأثرت بسبب ذلك الكثير من الشخصيات الليبية من أصحاب الفاعلية والقدرة فى نوايا الإتحاد الدستوري الليبي، مم كان له الأثر البالغ فى فقد مؤازرتهم له فى مهد قيامه.

ولعل نوري الكيخيا (قد) كون آرائه المشككة ـ فى هذا الخصوص ـ من واقع قياسه ومقارنته وموازنته بين موافقة الملك لي بتأسيس الإتحاد الدستوري الليبي وبين تجربته الشخصية التى رفض فيها الملك طلبه بإجراء لقاء صحفي معه لصالح المجلة التى كان يصدرها فصيله المعارض.

فقد تلقى نوري الكيخيا رفض الملك لطلبه بشأن إجراء مقابلة صحفية معه فى أثناء الزيارة التى قام بها له فى أوآخر السبعينات أو ـ ربما ـ فى بداية الثمانينات بمقر إقامته بالقاهرة، والتى تمت بناءاً على طلب والدته من الملكة فاطمة بالإذن لأبنها بزيارة الملك من أجل التعبير له عن مشاعر الود التى يكنها له فى نفسه، ونيل البركة منه.

ولأن الحاجة حليمة ـ والدة نوري الكيخيا وأبنة الشخصية الوطنية المعروفة عمر باشا منصور (رحمه الله) ـ كانت من ضمن القلة الذين واظبوا على زيارة العائلة المالكة فى غربتهم، حيث لم تكف (هذه السيدة الكريمة) فى يوم عن إبداء مودتها الخالصة للملكة والملك من خلال زياراتها المتواترة، ولهذا لم يكن من الصعب أن ينال طلبها بالسماح لأبنها بزيارة الملك الموافقة الفورية.

** * **

حال إنتهاء أهل البيت الملكي من إداء واجب الضيافة لزائرهم (نوري الكيخيا)، توقع الملك من ـ ذلك ـ الزائر أن يلتزم بأدآب وأصول بروتوكول الزيارات فى هذا الشأن، أي أن يقدم عبارات الود التى دعته لزيارته، ثم ينصرف لحاله كعادة كافة الزائرين فى هذا الخصوص.

إلاّ أن نوري الكيخيا قد خرج عن الأسباب التى تم بها السماح له بتلك الزيارة، وطلب من الملك إدريس (رحمه الله) أن يجرى معه لقاء لصالح مجلة صوت ليبيا، لسان حال تنظيم الحركة الوطنية الديمقراطية الليبية[5]، التى يُشاع ـ فى تلك الآونة ـ أنها تتلقى تمويلها من عمر المحيشي (أحد أعضاء مجلس الإنقلاب العسكري)[6]. ومن جانب آخر، فقد كان من ضمن أعضاء هيئة تحريرها الدكتور عبد الرحمن السويحلي وأبن عمه صلاح السويحلي المعروفان بكرههما المقيت وعداوتهما الشديدة للحركة السنوسية بصفة عامة وللملك إدريس على وجه الخصوص.

ولم يكن للملك أن يوافق على إجراء مثل ذلك اللقاء الصحفي الذى التمسه زائره، للأسباب السابقة فحسب، بل كان دافعه الأكبر يكمن فى حرصه الشديد على الإلتزام بضوابط وقيود وضعه كلاجىء سياسي تحيط به عيون مراقبي الدولة المضيفة، التى أشترطت عليه مسبقاً إلاّ ينخرط فى أية أنشطة سياسية أو يمنح تصريحات أو مقابلات صحفية لأية جهة مهما كان نوعها أو غرضها.

وبما عُرف عن الملك من دبلوماسية ـ شهدت له بها المواقف التى سجلتها الوثائق التاريخية والكتب التى تناولت سيرة حياته ـ أعتذر لنوري الكيخيا بلباقة لا تؤذ مشاعره، لكنها تصده فى نفس الوقت عن مواصلة الحديث فى هذا المنوال، وذلك من خلال عبارة حاسمة ساقها لزائره كردٍ على طلبه الذى كان يخلو من الحنكة واللياقة، فقال له: " نحن لا نتعاط السياسة فى المهجر ! ".

وفى هذا الصدد، كان الملك صادقاً فيم ذكر لزائره، فقد سبق له فيم مضى ـ وفيم لحق ـ أن رفض الإنغماس المباشر فى أية نشاطات قد تسيء لوضعه السياسي أمام السلطات المصرية. إلاّ أن نوري الكيخيا قد أتخذ من رد الملك مادة للطعن فى مصداقية مباركة الملك لتأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، ولم ينظر بعينه الثاقبة للخلفية التى رفض بها الملك إجراء تلك المقابلة فى مجلته التى لم تتورع فى إحدى أعدادها عن تصدير غلافها بصورتين مشطوبتين، إحداهما للتاج الملكي، والآخرى للقذافي، في تلميح واضح إلى أنهما عهدين غير مرغوب فى حكمهما لليبيا؛ وأحتوت فى عددٍ آخر على مقالة تحلل لطبيعة النظامين، وترى فيهما الفساد والقصور الذى يقضي بعدم صلاحيتهما لحكم ليبيا.[7]

وبرؤية عقلانية غاية فى الحياد، يمكن للمرء أن يتفهم الخلفية التى دفعت نوري الكيخيا لإتخاذ موقفه المشكك فى مصداقية مؤسس الإتحاد الدستوري الليبي حيال حقيقة موافقة الملك على تأسيس كيانه من عدمها؛ والتى تشكل بنيانها بتأثير من تجربته الشخصية، المتعلقة برفض الملك لطلبه بإجراء حوار صحفي معه، وهذا هو الأساس الذى جعله يتبنى موقفه المنوه عنه، بعد أن قاسه على تجربته الذاتية فى هذا الخصوص.

بمعنى آخر، إن تجربة نوري الكيخيا (السابقة) المتمثلة فى رفض الملك إدريس لطلبه المتعلق بعقد حوار معه لصالح مجلته، وتصريحه له بأنه لا يمارس السياسة فى المهجر، قد القت بظلالها القاتمة عليه، وجعلته ـ من ثمة ـ يتخذها مقياساً فى حكمه على أمر (إعلاني) الحصول على مباركة الملك بتأسيس كيان الإتحاد الدستوري الليبي، حتى أنه حدثني فى مرة بهذا الأمر، بقوله إن الملك قد صرح له (شخصياً) بإنه لا يتعاط السياسة فى المهجر ! فى إشارة مبطنة يفصح من ورائها عن شكوكه وريبته فى مدى صحة مباركة الملك وموافقته على تأسيس الإتحاد الدستوري فى هذا الخصوص. ومن هنا، سمح (نوري الكيخيا) لنفسه بالترويج لإستنتاجه ـ السابق ـ المستقى من واقع تجربته الخاصة، فإنساق لمغبة الطعن والتشكيك فى أمانتي بهذا الخصوص !.

وفى هذا السياق، فقد تعارف البشر فيم بينهم على أن تجارب المرء الماضية تُعد إحدى أدواته الرئيسية ـ ومعينه الأول ـ فى الحكم على المواقف والأحداث المستجدة فى حياته. وتُضيف دراسات علم النفس الإجتماعي على هذا العرف، بحقيقة يفيد مؤداها بإن تفسير المرء للأبعاد والعوامل التى شكلت تجاربه الماضية ـ يُعد ـ هو الفيصل فى نجاح أحكامه على الأمور التى تصادفه فى حاضره ومستقبله من عدمه.

وبحسب هذا التعليل، فإن بعض البشر تخذلهم تفسيراتهم الخاطئة لأبعاد وعوامل وقائع تجاربهم مم يؤدى بهم ذلك إلى عدم الإستفادة منها البتة، بل يقودهم (خللهم)  ذلك ـ فى بعض الأحيان ـ إلى التجنى على مواقف وآراء الآخرون عند إخضاعها لأحكامهم المبنية على تفسيراتهم الخاطئة لواقع تجاربهم الذاتية.

وذلك بالتحديد ما يمكن رؤيته بجلاء عند إمعان النظر فى موقف نوري الكيخيا السالف ذكره، فقد كان حكمه الذى تشكل به موقفه ـ الطاعن فى صحة موافقة الملك على تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي ـ منطلقاً من رؤية قصيرة النظر، أدت إلى عجز صاحبها عن إدراك أبعاد وعوامل مكونات تجربته التى خاضها فى الشأن المذكور، والمختلفة كلية عن وقائع وظروف وملابسات واقعة موافقة الملك ـ المنوه عنها ـ فى صدد تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي؛ وهذا بالتالي ما يفسر تبنيه لموقفه المخالف للصواب.

والمعنى الإجمالي هنا، إن نوري الكيخيا رأى بإن رفض الملك لعقد حوار معه لصالح مجلته، وتصريحه له بأنه لا يخوض فى أمر السياسة بمهجره، هو قاعدة ثابتة إتخذها الملك لنفسه كمبدأ لا يحيد عنه فى هذا الإطار. ومن هنا، كست فكر نوري الكيخيا قناعة تامة بأن الملك لا يتأت له أن يمنح موافقته على تأسيس كيان الإتحاد الدستوري الليبي، وهو الذى صرح له بنفسه بإنه لا يتعاط السياسة فى المهجر !.

من هذه الرؤية المبنية على تجربة ذاتية مختلفة فى أبعادها وطبيعتها عن الكيفية التى تم بها الحصول على موافقة الملك لتأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، أطلق نوري الكيخيا العنان لنفسه بالتشكيك فى مصداقية مؤسس كيان الإتحاد الدستوري الليبي فى هذا الشأن.

ولم يتطرق لذهن نوري الكيخيا ولو لبرهة أن الملك ـ أولاً ـ لم يكن يملك حرية ممارسة السياسة فى المهجر بحكم وضعه كلاجىء سياسي، مطالب من قبل الدولة المضيفة بعدم الخوض فى الأمور السياسية أو إجراء مقابلات صحفية (خاصة فى مطبوعات المعارضة).

وثانياً، لم يتطرق لذهن نوري الكيخيا ولو للحظة أن عبارة الملك التى أشار فيها له بعدم تعاطيه السياسة فى المهجر، إنها لم تكن بالنسبة له مبدأ أو قاعدة ثابتة تبناها لتكون نبراساً له فى حياته يلتزم به ولا يحيد عنه، بل أنها ـ فى حقيقتها ـ إستثناءاً فرضته طبيعة الظروف المحيطة به فى حينه كلاجىء سياسي محظور عليه ممارسة السياسة من قبل الدولة المضيفة. والدليل على ذلك إن الملك ـ فى الفترة التى سبقت الإستقلال ـ قد مارس السياسة فى أعلى مراتب عراكها بالمهجر على مدى عشرين عاماً، أمتدت من سنة 1922 إلى سنة 1942م، ومن مفارقات القدر ـ فى هذا الصدد ـ أن يتم ذلك على أرض نفس البلد (مصر) الذى يستضيفه فى ظل ظروف الفترة قيد الحديث.

وثالثاً، لم يطرأ على ذهن نوري الكيخيا ولو لوهلة أن الملك لم يكن يملك خياراً آخراً عندما أشار له بعبارته أنه لا يتعاط السياسة فى المهجر، فقد فرض طبيعة الموقف فى حينه لضرورة قفل باب النقاش حول مطلبه غير السوي، ولمنعه من التمادى فى إعادة تكراره مرة أُخرى، ولهذا جاء رده ـ المذكور أعلاه ـ شديد الحسم والجزم بالكيفية التى كانت تتطلبها ظروف الموقف المعنى فى لحظتها.

ورابعاً، لم يدر فى خلد نوري الكيخيا فى وقتها بإن الفارق ـ الجذري ـ بين حصولي على موافقة ومباركة الملك لتأسيس الإتحاد الدستوري الليبي عند أول زيارة قمت بها له، وبين زيارة نوري الكيخيا التى رفض فيها الملك أمر إجراء مقابلة صحفية معه، يكمن فى الإختلاف بين طبيعة الزيارتين.

بمعنى، إن زيارتي للملك ـ من ناحية ـ لم تكن فى إطار التألف والتواد الإجتماعي الذى يقوم به مواطن ليبي يسعى لتقديم تحياته لمليكه وينال منه البركة والرضا؛ بل إنها زيارة محددة الأسباب، وهدفها ينحصر فى أمر الحصول على إذن الملك ومباركته لتأسيس الإتحاد الدستوري الليبي. وقد تم إطلاع الملك ـ فى هذا الخصوص ـ على كافة التفاصيل المعنية، بفترة زمنية فاصلة بين بداية الإتصال به وبين السماح لي بزيارته، والتى ترقى فى مدتها الزمنية إلى قرابة سنة كاملة (أنظر للتفاصيل الكاملة حول هذه النقطة فى الجزء الأول من هذه المقالة).

إما من الناحية الآخرى، فإن زيارة نوري الكيخيا للملك، فقد كانت أسبابها محددة فى نطاق الواجب الإجتماعي، وتحديداً فى السعى للتعبير عن أواصر الود والمحبة للملك والحصول منه على البركة والرضا. وحسب الأعراف والبرتوكولات الجارية فى هذا الشأن، فإنه لا يجوز للشخص الذى حدد طبيعة زيارته لشخصية إعتبارية بحجم ومكانة ووزن الملك إدريس، ونال الإذن بها على ذلك الأساس، أن يُغير من برنامجها المحدد مسبقاً ويتطرق لمواضيع خارجة عن نطاق الشأن الذى أتى من أجله. ومن هنا، فإنه لم يكن هناك أي وجه من الغرابة فى أن يتلقى الرد الذى ساقه الملك له فى ذلك الغمار.

** * **

ولعله من المناسب فى هذا السياق، أن يتم تقديم مثالاً أو نموذجاً يبين الكيفية التى كان يتبعها نوري الكيخيا فى محاربته لكيان الإتحاد الدستوري الليبي والتشويش عليه بين أفراد التجمعات الليبية، وذلك لكى تتضح الرؤية بصورتها الكاملة للقارىء المتابع لسلسلة هذه المقالة التوثيقية.

وعسى أن يكون أبرز مثالاً يمكن الإستعانة به فى هذا الصدد، (ذلك) المتمثل فى واقعة تمت فى فترة وفاة والدي (رحمه الله) بمدينة الإسكندرية بمصر فى صيف  سنة 1984م، حيث كان نوري الكيخيا من أول السباقين لإداء واجب المواساة والعزاء، وكان آخر المودعين فى كل ليلة من ليال المأتم (السهرية).

وكما جرت العادة وتعارفت عليه الأصول الجارية فى مجتمعنا الليبي، فإنه بعد إنقضاء بضعة أسابيع من تقديم جل المعارف لتعازيهم لأهل الفقيد، فإن توافد القاطرين لتعزيتهم يقل تدريجياً مع مرور الوقت، ولا يبق من المعزيين سوى الأصدقاء والخلان المقربين من ذوي المتوفي، الذين يستمروا لفترة زمنية ـ تمتد وتقل بحسب كل حالة على حدة ـ فى الحفاظ على زياراتهم اليومية بإلتفاف ودي حول أهل الراحل.

وكان نوري الكيخيا ضمن هؤلاء الأصدقاء الذين أستمروا فى القيام بهذه الزيارات اليومية ـ التى أعقبت فترة الزخم الأول للعزاء ـ بدون إنقطاع، وكانت أحاديثنا فى تلك الليالي يطول سمرها حتى الساعات الأولى من أصباح الأيام التى تليها، وهكذا.

وفى وسط حمى حوار إحدى تلك المسامرات طرح أحدهم موضوع القضية الدستورية فى ليبيا، وأخذ الحديث منحاه بإستفسار من أحد الحاضرين عن كنه الإتحاد الدستوري الليبي الذى لم يكن لديه دراية وإلمام بتفاصيله الكاملة؛ وما أن بدأت فى شرح مفهوم فكرة الإتحاد الدستوري الليبي للشخص الذى أستفسر عنه، حتى قاطعني نوري الكيخيا قائلاً بنبرة تشوبها الحدة والغضب، وبقسمات وجه يكتسيه الغيض والحنق: " أنت مش ساهل ! " وتوقف هنيهة ثم أسترسل قائلاً: " لقد أدرت الحديث بدهاء نحو القضية الدستورية حتى تجرنا للحوار حولها، فى مناورة ذكية، تتيح لك فرصة الترويج للإتحاد الدستوري الليبي بين الحاضرين. وأنا ـ فى هذا المقام ـ لن أسمح لك أن تحول هذه الجلسة لمنبر تستخدمه من أجل هذا الغرض !". 

ولعل فى هذه الواقعة الصغيرة معانى كبيرة توضح بجلاء لموقف نوري الكيخيا الذى تبناه إزاء تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، والذى عزز لدى ما كُنت أسمعه من روايات متواترة عن تهجمه وتشكيكه وتشويهه لفكرته وأهدافه.

وقد كُنت قد توقفت قبل هذه الواقعة عن النبس ولو بشفة كلمة مع نوري الكيخيا حول السياسة بصفة عامة وحول الإتحاد الدستوري الليبي بصفة خاصة (على المستوى الشخصي)، وذلك بعد زيارتي له ـ فى أول لقاء بيننا ـ فى أوآخر عام 1981م بمحل سكنه بلندن، التى كان يتخذها مقراً لإقامته فى تلك الفترة. وشرحت له ـ فى حينه ـ فكرة وأهداف الإتحاد الدستوري الليبي، فتفهم وأدرك كافة الأبعاد الملمة والمحيطة بموضوعه، بنضج ووعي يليق بفكره وثقافته الرفيعة. وقال لي: " إن هذه الفكرة Grandeur ـ أي ذات عظمة وفخامة ـ وتحتاج إلى عمر باشا الكيخيا (جده) " وتوقف للحظة ليتابع قوله بحسرة: " لكن عمر باشا قد مات ! ".

فما كان مني بعد هذا الرد المفتقر للكياسة، إلاّ أن ترحمت ـ له ـ على جده، وأتخذت قراري فى حينه بعدم الخوض معه فى المنحى السياسي على المستوى الشخصي. غير أن هذا لم يمنع من دخولنا فى نقاشات سياسية (حول قضية الوطن) على المستوى التنظيمي، الذى كان يجمع بين فصائل وتنظيمات المعارضة، كلما دعت الحاجة لذلك فى فترات زمنية متفاوتة.

يـتـبـع ..

محمد بن غلبون

7 يوليو 2007

chairman@libyanconstitutionalunion.net

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] تجدها على الرابط التالي: http://www.libya-watanona.com/adab/nkikhia/nk21067a.htm

[2] لم يكن إعتراف نوري الكيخيا بصحة توجه الإتحاد الدستوري الليبي فى مقالته ـ المنوه عنها ـ بجديد علينا، فقد سبق له أن عبر عن مكنون قناعته (الجديدة) فى هذا الشأن لشقيقي هشام عندما التقاه فى المؤتمر الوطني الذى أنعقد فى صيف 2005م بلندن.

[3] لقد كانت تلك الفترة غاية فى الحساسية والحرج ـ بالنسبة ـ لمؤسسي الإتحاد الدستوري الليبي، حيث عانوا خلالها من قسوة هوادة رحى بعض مشاكلها العصيبة، التى يمكن حصر بعض جوانبها الهامة فى أمرين:

أولهما : يتمثل فى حملة التشكيك والتشويش التى قادها السيفاط وبن حليم والكيخيا فى الفترة التى أعقبت الإعلان عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، والتى أعاقت فاعلية نشاطاته وأرهقت مؤسسيه وأعضاءه فى مهد إنطلاقه.

وثانيهما: يتمثل فى الخذلان الذى جابههم به مجموعة من الأعضاء المؤسسين فى فترة الإعداد الأولى التى سبقت الإعلان عن تأسيس وقيام الإتحاد الدستوري الليبي.

ولقد تم توضيح تفاصيل الأمر الأول الخاص بحملة التشويش التى إندلعت حماها فى فترة ما بعد الإعلان عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، من خلال الأجزاء التى تناولت الشخصيات المعنية فى هذا الخصوص. إما أمر الخذلان الذى نضحت به نفسيات بعض الشخصيات التى شاركتنا فى مرحلة الإعداد لتأسيس كيان الإتحاد الدستوري الليبي، فيمكن تلخيص تفاصيله فيم يلي:

كان مفتاح لملوم وصحبه فى تنظيم جبهة الوطنيين الليبيين، من بين الأفراد الذين تم توجيه الدعوة لهم للمشاركة فى تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي. وبعد إطلاعهم على فكرته وأهدافه، وإقتناعهم الكامل بها، حلوا تنظيمهم المذكور وأنضموا بكامل عددهم كأعضاء مؤسسين لكيان الإتحاد الدستوري الليبي.

وتم ـ فى هذا الإطار ـ إسناد مهام أساسية لمفتاح لملوم لكى يتولى إنجازها عقب الإعلان عن كيان الإتحاد الدستوري الليبي، إلاّ إنه إتصل بي قبل الموعد المحدد للإعلان عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي بيومين، ليبلغني بإنسحابه وتنصله من جميع إلتزاماته التى تعهد لنا بتنفيذها. وقال لي: " إن قيامكم بتأسيس الأتحاد الدستوري الليبي، يُعد إنتحاراً سياسياً ! ".

وكان تصرف مفتاح لملوم، غير المراعي لقواعد الإلتزام والمسئولية ـ بدرجة تسببت لنا فى بعض أوجه الإرتباك فى تلك الفترة البالغة الأهمية ـ يختلف جذرياً عن تصرفات شخصية أُخرى من الشخصيات المؤسسة لكيان الإتحاد الدستوري الليبي، التى كانت مواقفها غاية فى الإلتزام والإحساس بالمسئولية الوطنية البالغة الأصالة، وهى المتمثلة فى شخصية الأستاذ محمد القزيري، الذى قدم من جهده وقدراته الكامنة ما يفوق وصفه بالكلمات فى مثل هذا المقام، حيث لم يكل عن العطاء فى يومٍ بالقدر الذى سمحت له به ظروفه الصحية والإجتماعية على مدى سنوات طويلة. وقد رفض الأستاذ محمد القزيري، فى هذا المنوال، عرضاً سخياً من الدكتور محمد المقريف ـ فى عز أوج سطوة جبهة الإنقاذ ـ بالتخلي عن الإتحاد الدستوري الليبي والإنضمام للجبهة فى مقابل مبلغ مالي غاية فى الكرم إضافة لمرتب شهرياً مغرياً، وذلك عندما جمعهما لقاءاً خاصاً نسق له ورتبه السنوسي البيجو.

وسيجد القارىء أدناه صورة تجمع  بين مفتاح لملوم والأستاذ محمد القزيري تم إلتقاطها لهما فى فترة الإعداد لتأسيس الإتحاد الدستوري الليبي.

[4] تجده على الرابط التالي: http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc11066a.htm

[5] إندمجت الحركة الوطنية الديمقراطية الليبية فى سبتمبر 1981م ـ التى كان نوري الكيخيا من أبرز قياداتها ـ مع تنظيم التجمع الوطني الليبي الذى أسسه عمر المحيشي فى وقت سابق، وأصبح أسم التنظيم المؤلف من إندماج التنظيمين المنحلين: التجمع الوطني الديمقراطي الليبي، الذى لايزال، حتى اللحظة الراهنة، يمارس نشاطه المعارض فى الخارج.

[6] رغم الشائعات المتدوالة بين صفوف الليبيين ـ فى تلك الفترة ـ بإن عمر المحيشي هو مصدر تمويل نشاطات الحركة الوطنية الديمقراطية الليبية، إلاّ أنه لا يوجد ـ فى هذا الغمار ـ البرهان المادي على صحة حقيقة هذه الشائعات من عدمها.

[7] صورة غلاف المجلة المعنية وموضوع المقالة المشار إليهما أعلاه:

 

 

محمد بن غلبون، مفتاح لملوم، محمد القزيري في مقر الاتحاد الدستوري الليبي. أكتوبر 1981

مفتاح لملوم: أكتوبر 1981. أيام قبل الأعلان عن تأسيس الاتحاد الدستوري الليبي

 

نشرت هذه الحلقة يوم الأحد 8 يوليو 2007 على المواقع الليبية

"ليبيا وطننا" و "ليبيا المستقبل" و "المنارة"

   

English Translation

عودة إلى أعلى الصفحة

 

 

 

 

 

 

 

تنبيه

 

أثارت هذه الحلقة (16) موجة من ردود الفعل التي استلزمت ردودا مضادة من طرفنا، تضمنت في معظم الأحيان معلومات ووثائق جديدة. 

بالإمكان الإطلاع على هذه الردود في المواقع التي نشرت عليها باتباع الروابط الموصلة لها من القائمة المدرجة أدناه والتي تظهرها بحسب تاريخ نشرها:

 

فيلم هـندي.. لمخرج أفغـاني... (نوري الكيخيا: 17 يوليو 2007): "ليبيا وطننا" ، "ليبيا المستقبل".

 

مَنْ مِن النوريين أصدق فى هذا الخطب؟ (محمد بن غلبون: 22 يوليو 2007) "ليبيا وطننا" ، "ليبيا المستقبل".

 

رد عـلى ما يجب الرد عـليه.  (السنوسي كويدير : 22 يوليو 2007)   "ليبيا وطننا" .

 

تحية للسنوسي كويدير، ولكن ..(محمد بن غلبون : 24 يوليو 2007)  "ليبيا وطننا" ، "ليبيا المستقبل".

 

أبجديات منسية في العمل الوطني  (يوسف المجريـسي: 25 يوليو 2007)  "ليبيا وطننا"

 

هل يستحق يوسف المجريسي عناء الرد عليه؟ (محمد بن غلبون: 27 يوليو 2007) ، "ليبيا وطننا" ، "ليبيا المستقبل".

 

رد سريع عـلى راسبوتين مانشستر (يوسف المجريـسي :28 يوليو 2007) ، "ليبيا وطننا" .

 

هـذا ليس ردّا عـلى يوسف المجريسي (محمد بن غلبون : 29 يوليو 2007)  "ليبيا وطننا" ، "ليبيا المستقبل".

 

صيد الخواطر الليبية (9)  (صلاح عـبدالعـزيز : 1 أغسطس 2007) ، "ليبيا وطننا"  ، "ليبيا المستقبل".

 

ما كان يجب أن يقال لمحمد بن غلبون (مفتـاح لملوم  3 أغسطس 2007) ، "ليبيا وطننا".

 

لماذا لم أخصّص حلقة للحديث عـن مفتاح لملوم؟ (محمد بن غلبون : 15 أغسطس 2007) ، "ليبيا وطننا"ليبيا المستقبل".

 
 

 

 

 

 

رسائل قُراء

 

 

بقية الأسئلة لا تزال في انتظار جواب الأستاذ نوري (عبدالله توفيق: 17 يوليو 2007)  "ليبيا وطننا".

 

المجريسي كال بمكيالين (ناجي الككلي : 27 يوليو 2007) ،  "ليبيا وطننا"

 

تعـليق عـلى شهادة السنوسي كويدير  (25 يوليو 2007) ،  "ليبيا وطننا"

 

الطراز السويدي في مفهوم نوري الكيخيا (الصابر: 15 أغسطس 2007) ، "ليبيا المستقبل".

 

الكذبة عـند بن غـلبون ولاّ عـند لملوم؟ (ناجي الككلي : 20 أغسطس 2007) ، "ليبيا وطننا "ليبيا المستقبل".

 

 

 

 

 

   

English Translation

عودة إلى أعلى الصفحة

 

 

 

 

 

 

 

 
 
 
English List

About the LCU

Contact Us
 
 

 

 

Copyright © 1999 LCU. All rights reserved.
Revised: December 04, 2013