Click Here For English Menu 
 

 

 

Libyan Constitutional Union

 

http://www.libyanconstitutionalunion.net  

&

   http://www.lcu-libya.co.uk

 

 


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الإتحاد الدستوري الليبي: تأسيسه ونشأته

مقالة توثيقية بقلم محمد بن غلبون

Click for English translation

 

سيطّلع القارىء فى حلقات هذه المقالة التوثيقية على سرد لوقائع تاريخية حدثت مجرياتها فى فترة هامة من تاريخ بلادنا، رأيت من الواجب الوطني تسجيلها ونشرها، حتى لا تندثر ونفقد معها صلتنا بجوانب هامة شكلت جزءً من تاريخنا المعاصر. ولأن هذه الوقائع والأحداث تتعرض لمواقف بعض الأشخاص الذين كانوا أطرافا فاعلين فيها، فكان لابد من تسجيل مواقفهم كما حدثت فى سياق مواضعها فى تلك الوقائع والأحداث المعنية. ومن ثمة، فإن نشرها فى الوقت الحاضر، وبعد مضي ما يقرب من ربع قرن من الزمان على حدوثها، ليس الغرض من ورائه نقد أو تجريح أؤلئك الأشخاص، بقدر ما هو محاولة متواضعة للتعريف بجزء من تاريخنا المسكوت عنه. ولهذا، أرجو أن لا يتم تأويل هذا الغرض، وأن لا يتم تحميل كاتب هذه المقالة ذنب سوء ظن الآخرين بما أحتوت.

 

تحتوي هذه الصفحة على الأجزاء من 21 إلى الأخير

للانتقال إلى الصفحة التي تحتوي الأجزاء من 1 إلى 10

للانتقال إلى الصفحة التي تحتوي الأجزاء من 11 إلى 20

 
نظام القذافي ... صناعة ومحميّة استعمارية
 

بيان توضيحي بشأن سلسلة "الاتحاد الدستوري الليبي: تأسيسه ونشأته"

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء الحادي والعشرون

 

[2] الإعلان عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي

 

الحركة الوطنية الليبية ..

‌أ.      تمهيد:

 

سوف يتم الحديث ـ فى هذا الجزء ـ عن موقف تنظيم الحركة الوطنية الليبية الذى ترتكز أنشطته، وتدور أهدافه، وينتمى أعضائه لفكر البعث، المستقى لمنهجه من نموذج التطبيق العراقي إِبان فترة حكم صدام حسين.

وقد تم فى الجزء السابق ـ من هذه المقالة التوثيقية ـ تقديم نبذة توضيحية عن شكل الصراع السياسي (التنافسي) الذى يتخلل مواقف معظم كيانات الأحزاب والتنظيمات السياسية فى العالم بصفة عامة، مع التركيز على الحالة الليبية[1]؛ وذلك من أجل تقريب الفهم لتركيبة العلاقة القائمة بين تنظيمات وأحزاب المعارضة الليبية فى خضم نضالها ضد نظام الحكم الفاسد المسيطر على مقاليد السلطة فى ليبيا.

ويهمنا من النبذة المذكورة، فى هذا المقام، ما تم طرحه وتحليله حول وضع التنظيمات والأحزاب القائمة أهدافها على مناهج الرؤى الإيديولوجية، التى يقع تنظيم الحركة الوطنية الليبية (البعثي) تحت كادرها.

وكما رآينا، إن تحليل الطرح المدرج فى النبذة المشار إليها، قد توصل إلى (نتيجة) يتلخص مفادها فى أن الأحزاب والتنظيمات القائمة أفكارها وأهدافها على مناهج وبرامج إيديولوجية ـ كانت الدافع الأول من وراء تكوينها ـ مثل تنظيم حزب البعث، الذى ينضوى تنظيم الحركة الوطنية الليبية تحت لواء فكره العقائدي؛ هى فى حقيقة الأمر، تنظيمات تسعى للتربع فوق سدة الحكم فى أي بلد يتم تأسيس نواتها فيه.

وهذا ما يجعلها ـ بالتالى ـ تُسخر كافة إمكانياتها وطاقات أعضاءها لتحقيق هذا الهدف الذى يعلو، من وجهة نظرها، على مختلف الإعتبارات الآخرى، ولا يعلى عليه؛ وذلك، بصرف النظر عن إستساغة وقبول أفراد مجتمعها لمنهج فكرها الذى تتبناه ـ وتسعى لفرضه عليهم ـ من عدمه.

ومن هنا، فإنه لا يمكن تصنيف مثل هذه التنظيمات، ككيانات معارضة لأنظمة الحكم المسيطرة على السلطة فى بلادها بالقوة، والتى لا تتبنى منهج النموذج الديمقراطي، ولا تقر قوانينها أو دساتيرها مبدأ تداول السلطة ـ من خلال حرية الإختيار التى تُعبر عنها الإرادة الحرة لأفراد مجتمعاتها ـ وذلك بسبب كونها صاحبة فكر عقائدي، أو منهج خاص، تسعى لفرضه كأداة للحكم، وليست تنظيمات يقع جل همها فى معارضة نظام الحكم (المستبد) المهيمن على السلطة فى أوطانها.

وهذا ـ بالتالى ـ ما يجعل من أمر معارضتها السياسية فى داخل المجتمعات التى تُسيطر عليها أنظمة لا تُقر ولا تُطبق النموذج الديمقراطي ظاهرة غير صحية، وغير صحيحة، لأنها لا ترتكز أسسها على حرص وحس وطني بالمصلحة العامة، بل على رؤية عقائدية يتجسد قوامها فى هدف الوصول للسلطة، وإحكام قبضتها عليها، وتطبيق برنامج حزبها الذى يلتف حول منهجه أعضائها؛ هذا، بغض النظر عما تقتضيه المصلحة العامة (الحقيقية) لمجتمعاتها.

بمعنى آخر، ووفقاً للتحليل السابق، فإنه يمكن إيجاد مبرر لظهور مثل هذه التنظيمات فى البلاد التى تطبق وتنتهج الدرب الديمقراطي، والتى يبيح الصراع التنافسي بين أحزابها ـ من خلال الأنشطة االدعائية الإنتخابية لبرامجها ـ طرح أفكارها وعقائدها للناخبين، فإذا أقتنعوا بها، منحوها أصواتهم لمباشرة الحكم، وتطبيق أفكارها التى ترتكز على أسسها كيانات تنظيماتها وأحزابها.

ومن غير ذلك، فإن مثل هذه التنظيمات ـ التى تم تأسيسها على ركائز أفكار إيديولوجية تسعى إلى فرضها على الحكم عند وصولها للسلطة ـ تُعد فاقدة لمبرر وجودها وشرعيتها خارج نطاق الدول التى تطبق النهج الديمقراطي.[2]

 

 ** * **  

‌ب.  النشأة:

 

لقد تم الإعلان عن تأسيس الحركة الوطنية الليبية فى شهر ديسمبر 1980م، متخذة من العراق مقراً ينطلق منه نشاطها الحزبي؛ وليستقر معظم أعضائها فى عاصمته بغداد، وزاولوا أنشطة برنامج تنظيمهم منها، بدعم ومؤازرة تامة من نظام الحكم العراقي.

وقد جاء تأسيس هذا التنظيم (البعثي) على أثر التصفيات الجسدية التى مارسها نظام الحكم الفاسد فى ليبيا ضد شخصيات من المعارضة الليبية، التى كان من بين ضحاياها بعض الرموز الوطنية الصادقة، من مؤسسي تيار الفكر البعثي فى ليبيا، الذين كان من بينهم (فى داخل ليبيا) الشهداء:

 

1.    محمد فرج حمي.

2.    عامر الدغيس.

3.    محمود بنون.

4.     حسين أحمد الصغير.

 

وكان من بين أبرارها (فى الخارج) الشهيد أحمد عبدالسلام بورقيعة، الذى أغتالته الأيدى الآثمة ـ ومثلت بجثمانه الكريم ـ فى مدينة مانشستر البريطانية خلال شهر نوفمبر 1980م. كما تم فى مرحلة لاحقة (شهر مايو 1984م) قتل الشهيد مصطفى النويري فى داخل ليبيا على أيدى زبانية النظام الفاسد.

 

 ** * **  

‌ج.   محور النشاط:

كان جل نشاط أعضاء تنظيم الحركة الوطنية الليبية يدور حول السعى الحثيث لنشر فكر حزب البعث بين أفراد التجمعات الليبية بالمهجر، ومحاولة ضم عناصر جديدة لكادر تنظيمهم، بواجهة تعكس معارضتهم لنظام الإنقلاب العسكري فى ليبيا؛ وكانوا يتلقون  ـ لهذا الغرض ـ الدعم الكامل من نظام صدام حسين بالعراق.

وقد أحتوت أدوات نشاط تنظيمهم على إذاعة مسموعة، كانت تبث برامجها وخطابها الموجه للشعب الليبي ـ عبر الأثير ـ من الأراضي العراقية؛ إلى جانب مجلة صوت الطليعة، التى كانت توزع مع بعض الدوريات والنشرات الأخبارية التالية الذكر، فى معظم عواصم الدول العربية والأوروبية، وبعض الولايات الأمريكية:

1.    الرقيب الليبي.

2.    المواطن الليبي.

3.    المنبر الليبي.

4.    المغترب الليبي.

علاوة على ذلك، فقد أصدر تنظيم الحركة الوطنية الليبية العديد من الكتيبات، التى حملت آراء أعضائه وتوجهاتهم الفكرية. كما سجل رصيد إجتهاد عناصره عملاً مشهوداً فى النشاطين التاليين:

·        لجوئهم لفكرة إستخدام الملصقات التى تُعبر عن فكر وتوجهات تنظيمهم.

·        إصدارهم لمجلة صوتية شهرية، كان يتم تسجيل مواضيعها ـ الموجهة ـ على أشرطة (كاسيت)، تحت أسم صوت الطليعة المسموع.

وقد تميز معظم أعضاء تنظيم الحركة الوطنية الليبية بتجانسهم الفكري والثقافي، حيث كان معظمهم من حملة الشهادات الجامعية، التى رجح ميزانها التخصصي كفة المنتمين للمجال القانوني. وكانت تجمعهم ـ إلى جانب ذلك ـ مزية إنحدارهم من مناطق وجهات ليبية مختلفة؛ إضافة إلى أن بعضهم ـ كانوا ـ يعدون من ضمن الشخصيات المعروفة والمرموقة فى داخل المجتمع الليبي.

ويُعتبر تنظيم الحركة الوطنية الليبية ـ فى سياق آخر ـ من أكبر وأقوى تنظيمات المعارضة الليبية، بعد الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا؛ ويرجع السبب فى ذلك إلى الدعم والعضد والمؤازرة المكثفة التى كان يتلقاها كيان هذا التنظيم من نظام الحكم العراقي خلال فترة السنوات الأولى التى أعقبت تأسيسه (بداية عقد الثمانينات من القرن المنصرم).

ولم يكن (هذا) الدعم العراقي الضخم مقتصراً فى حده على تنظيم الحركة الوطنية الليبية، بل نالت ـ فى هذا المضمار ـ بضعة (أُخرى) من تنظيمات المعارضة الليبية نصيبها الوافر منه، لكن نصيب الأسد من المؤازرة المديدة، والمساندة الوثيقة، والعون الودود، قد ذهب لتنظيم الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا.

وقد كان السبب فى دعم ومعاونة نظام صدام حسين، لكثير من فصائل وتنظيمات المعارضة الليبية، يرجع لخلافه السياسي مع نظام الحكم الفاسد فى ليبيا؛ ومن هنا، فقد أتبع النظام العراقي سياسة مساندة بعض قوى المعارضة الليبية كإستراتيجية تهدف إلى إطاحة نظام غريمه فى ليبيا. ومن الجدير بالذكر فى هذا السياق، إن الإتحاد الدستوري الليبي لم يتلق، فى يومٍ، أي نوع من العون أو الدعم من النظام العراقي فى هذا الخصوص.

 

 ** * **  

‌د.     موقف تنظيم الحركة الوطنية الليبية:

 

لإستخلاص موقف كيان تنظيم الحركة الوطنية الليبية من الإتحاد الدستوري الليبي، لابد لنا من التطرق فى حديثنا ـ ضمن هذا المغمار ـ لأمرين:

أولهما: يتعلق باللقاءات التى جمعت بين بعض ممثلي تنظيم الحركة الوطنية الليبية وبين ممثلي تنظيم الإتحاد الدستوري الليبي، والتى أجلت الحوارات ـ الجارية ـ فى أثناءها عن الموقف المعنى.

ثانيهما: بلورة أصحاب تنظيم الحركة الوطنية الليبية لإنطباعهم الخاص (المغلوط) حول توجه وأهداف الإتحاد الدستوري الليبي فى مقالة نشرتها إحدى المطبوعات الصادرة عن تيار حزب البعث العراقي فى الخارج؛ وما طرأ ـ من جراءها ـ من مراسلات ومكالمات هاتفية (بخصوصها)، قمت بها مع رئيس تحرير المطبوعة، والتى بينت فى مجملها موقف تنظيم الحركة الوطنية الليبية المنوه عنه.

 

1.   اللقاءات:

توطئة ..

قبل الشروع فى سرد حيثيات اللقاءات التى تمت بين ممثلي التنظمين فى إطار محاولة مد جسور التعاون، لخلق عمل مشترك يخدم مصلحة القضية الوطنية فى مقارعة نظام الإنقلاب العسكري المسيطر على مقاليد السلطة فى ليبيا؛ أجد من الجدير بالذكر الإشارة إلى إن معظم الجماعات (الليبية) المنضوية تحت كيانات التنظيمات العقائدية، المؤمنة بتوجهات حزبية خاصة، والتى يُطلق عليها جزافاً "الجماعات التقدمية"؛ قد أنجرفت بواعز من سمات الفكر الليبرالي ـ التى تُشكل القاسم المشترك فى برامج تنظيماتها ـ إلى تبنى توجه معادى للأنظمة الملكية، وتصنيفها كأنظمة محافظة (رجعية)، لا تنسجم والفكر التحرري الذى ينتمى إليه أفرادها.

ومن هنا، لم يكن من المستغرب أن يُلقى هذا التوجه بظلاله القاتمة على رؤية أصحاب تنظيم الحركة الوطنية الليبية لشكل النظام المرغوب فى حكم ليبيا، والذى لم يكن قطعاً النظام الملكي، الذى ساد حكمه ليبيا منذ إستقلالها وحتى إستيلاء زمرة الضباط الخائنة على السلطة بوسيلة الإنقلاب العسكري (غير الشرعية) فى سبتمبر 1969م. وهذا ما كان له تأثيره ـ بالطبع ـ على تكوين موقفهم إزاء كيان الإتحاد الدستوري الليبي، الذى أرتبطت دعوته وتوجهه فى أذهانهم بعودة نظام الحكم الملكي إلى ليبيا.

 

اللقاء بالسكر ..

أتصل بي الأستاذ نوري الكيخيا فى صيف سنة 1983م، من العاصمة البريطانية، وأخبرني بإنه يرغب فى زيارتي، بصحبة السيد محمد السكر، حيث ـ كان ـ قد ألتقى به مؤخراً، وأتفق معه على ترتيب زيارة لي، بعد أن وجد عنده الرغبة فى لقائي والحديث معي.

ويُعتبر محمد السكر ـ الذى يحترف مهنة المحاماة ـ أحد أساطين الرعيل الأول لتيار البعث الليبي؛ كما يُعد أحد الأقطاب الفاعلة والمؤثرة فى داخل كيان تنظيم الحركة الوطنية الليبية؛ وهذا ما أهله، فى فترة لاحقة (نوفمبر 1984م)، لتولى منصب الأمين العام فيه.

 

 ** * ** 

عبرت لنوري الكيخيا عن ترحابي به وبمحمد السكر، ورتبت معه موعداً لزيارتي بمنزلي فى مدينة مانشستر؛ وقد أشار نوري الكيخيا فى إتصاله إلى أنه سيحضر معهما الأستاذ صلاح المغيربي، المتواجد فى تلك الفترة ببريطانيا، ثم عقب معلقاً بإن (المغيربي) سيحضر بصفته الشخصية، وليس الحزبية، حيث كان ينتمى، فى حينه، إلى تنظيم الجبهة الليبية الوطنية الديمقراطية.

وجاء اليوم الموعود، بحضور ثلاثتهم لمنزلي؛ وكُنت والمرحوم محمد القزيري وشقيقي هشام فى إستقبالهم. وبعد إداء واجب الضيافة، إنصرفنا لساعات عديدة فى نقاش حميم، أستغرق جل وقته فى أحاديث محمد السكر المتكررة، والتى أتسم فيها بعدم اللياقة، وإفتقاره لمراعاة أصول الحوار؛ مظهراً عدوانية فجة، بذل جهداً عسيراً لإبرازها فى أقبح صورها. كما أتصف بالتعصب القبلي الشديد، الذى كان لنعرته المقيتة السطوة الكاملة على شخصيته، فقد كانت عصبيته القبلية (صفة) جلية وبارزة فيه، لا يمكن للمرء ـ بأي حال ـ أن يخطىء ملاحظتها، خاصة إذا أخذ مجرى الحديث سبيلاً لمناقشة أبعاد القضية الليبية.

وقد كان صلاح المغيربي على النقيض من محمد السكر فى إقتناءه للكياسة واللباقة والأدب الجم؛ وقد شارك فى الحوار ـ الدائر ـ من خلال توجيهه لبعض الإستفسارات حول فكرة وأهداف الإتحاد الدستوري الليبي.

 

  ** * **

وهكذا، فقد سيطر الملل السقيم على الحاضرين وهم يصغون لأحاديث محمد السكر حول أمجاد بطولاته التى صال وجال فيها على النظام الملكي، مبالغاً ـ بصفة متكررة ـ فى تجريح شخص الملك إدريس (رحمه الله).

ومن نوادره، التى كان يفخر ويزهى بها فى حبور شديد، أثناء لقاء ذلك اليوم، قوله بإنه كلما قال له أحدهم: "سيدي إدريس "؛ رد عليه ـ السكر ـ فى التو واللحظة بقوله: " سيدك أنت " !. وعلى الرغم من أن أي عاقل يستمع لمثل هذا القول، سيلفت نظر السكر بأن الشخص الذى يقول "سيدي إدريس"، هو يعنى فى مجمل كلامه أن إدريس سيده، ولا يحتاج إلى تعقيب (السكر) بالجزم على أن إدريس سيده، فالشخص المعنى لم يقل ـ من الأساس ـ للسكر: "إدريس سيدك"، حتى يحتج السكر على قوله، ويعيد له كلامه بحرفية بغبغاوية تامة.

وفيم يخص الدستور، فقد قال لي محمد السكر: " إن الدستور الملكي، هو دستوركم ! ـ ويقصد بذلك أنه دستور الإتحاد الدستوري الليبي ـ أما نحن فى تنظيم الحركة الوطنية الليبية، لنا دستورنا !؛ فلنجتمع سوياً، ونضع دساتيرنا على مائدة النقاش، ولنتساوم حولها !، أو كما يقول الأنجليز Let us compromise ".

 

 ** * **

لم يؤلمني ـ فى ذلك اللقاء ـ تعبير وإفصاح محمد السكر عن آرائه غير المتماثلة مع آرائنا فى الإتحاد الدستوري الليبي على البتة، فهذا يُعد من أساسيات حرية التعبير والأختلاف الفكري. خاصة أنني كُنت ورفاقي نعلم (مسبقاً) بالخلاف فى الرأي بين شخصية مؤدلجة، يحتوى فكرها على توجه عقائدي، ترفض التنازل عنه لأي توجه آخر يخالفها الرأي ولو بقيد أنملة.

ولكن الذى أساءني وألمني بشدة، هو خروج ضيفي فى حديثه عن حدود اللياقة فى الحوار؛ إضافة إلى تطاوله بدون أدنى حدود الموضوعية على شخص الملك إدريس، بقصد التجريح، وليس بغرض النقد المفيد. ولم أكن أملك ـ فى ذلك اللقاء ـ من أمري مجالاً للإختيار، فقد كان الرجل ضيفي، ولا يسعنى فى مثل هذه الحالة سوى كظم مشاعر غضبي وإستيائي، والتحلى بالحلم إزاء فجاجة كلماته غير الرشيدة.

ولعل أفضل وصف يمكن للمرء تخيله تجاه ذلك الموقف الذى لم أكن أُحسد عليه، هو أحساسي بالوقوع فى شرك لا فكاك لي منه، فلم يكن من السهل علي أن لا أفقد رباطة جأشي، والتغاضى عن إستفزازات وعدوانية ضيفي وعدم لباقته؛ ولكن فى ذات الوقت، كُنت مجبراً على الإذعان لأحكام واجب الضيافة التى كانت تحتم علي الإلتزام بالصمت والإستعانة بالصبر. 

وهكذا، فقد آل ذلك اللقاء إلى غير جدوى، وضاع جهد ووقت الجميع فى لغط لم يكن له ضرورة تُذكر. ولم أرى محمد السكر مرة أُخرى، لكني سمعت أنه تصالح مع النظام وعاد إلى ليبيا خلال عقد التسعينات من القرن الماضي. كما لم ألتق صلاح المغيربي منذ ذلك اليوم.

 

 ** * **

اللقاء بفارس ..

كُنت أعلم يقيناً، بإن ألتقائي بأية شخصية مؤدلجة، تؤمن بفكر عقائدي، لن يُمكنني من إقناعها بالتخلي عن فكر تنظيمها، وتبنى فكرة توجه الإتحاد الدستوري الليبي؛ ولهذا كان الغرض (دوماً) من الإلتقاء بمثل هذه الشخصيات يعود لرغبتي الجامحة فى تحقيق قدر من التوافق والتعاون فى مجال النضال الوطني، عساه أن يعود بالفائدة لخدمة قضية بلادنا.

بمعنى آخر، أن قناعاتي الشخصية الخاصة تقف ـ على الدوام ـ عند حدود حرية الرأي والفكر لدى الآخرين، فلا أسعى إطلاقاً لمطالبة الآخر بالتخلى عن فكره وقناعاته؛ وفى المقابل، أتوقع من الآخر أن يمثتل لنفس المبدأ، حتى يأت أمر (ذلك) الإلتقاء ثماره المنشودة، المتمثلة فى مد أواصر التعاون لخدمة قضية بلادنا.

 

 ** * **

بعد لقائي مع محمد السكر بعدة أشهر، أتصل بي أحد الأشخاص الذين تربطني به صداقة قديمة، والذى يُعد من أعضاء تيار البعث الليبي البارزين؛ ليبلغني بإن الأستاذ سليمان فارس، أحد أعضاء تنظيم الحركة الوطنية الليبية، سيقدم إلى لندن فى زيارة سريعة لمدة يومين، ويتمنى ـ بطلب من تنظيمه ـ الإلتقاء بي فى أثناء الفترة التى سيمكثها هناك، والتى تحول لقصرها دون حضوره لمانشستر.

أشرت لصديقي عن أمر اللقاء الذى تم بيني وبين محمد السكر، فوجدته لا يعلم من أمره شيئاً !. وقد أعتبر صديقي ـ من باب التخمين ـ بأن زيارة السكر لي بمنزلي، تدخل فى إطار التواد الإجتماعي، ولا تمت بعلاقة لنشاط تنظيمه بصلة فى هذا الصدد، ولهذا لم يبلغهم به؛ لأنه لم يكن مفوضاً ـ منهم ـ لحضوره بصفته الحزبية.

أستقليت الطائرة من مانشستر إلى مطار هيثرو (بلندن)، بعد الترتيب مع سليمان فارس على الإلتقاء به هناك. وجلسنا فى أحد مقاهي المطار، وأخذنا الحديث لبضعة ساعات، أكتشفت خلالها كياسة وتهذيب وذكاء شخصية محدثي.

دار حديثنا، أنا وسليمان فارس، حول فكرة الإتحاد الدستوري الليبي، والتى أماطت توضيحاتي له عن لثام الغموض الذى كان يُغلف إنطباعاته السابقة (المشوهة) حولها. كما تطرق حديثنا لمدى جدوى تبنى دستور الإستقلال، الذى عبر سليمان فارس عن رأيه ـ فى هذا الخصوص ـ بعدم قناعته بأمر المناداة بدستور تقيد إحدى بنوده حرية الصحافة !. وهو يقصد نص المادة (23) من الدستور الليبي، التى تقول: " حرية الصحافة والطباعة مكفولة في حدود القانون ".

ورغم إحترامي لرأيه الذى ساقه فى صدد رفضه لدستور الإستقلال، إلاّ أن هذا لم يمنع العجب من مساورة نفسي على حجته الواهنة؛ فقد توقعت منه، وهو رجل القانون الذى يتخذ من المحاماة مهنة له، أن يكون أكثر معرفة من غيره بعدم وجود دستور واحد على الأرض لا تتضمن بنوده قوانين مسنة ـ خصيصاً ـ لأجل تنظيم نشاط قطاعات الدولة المختلفة.

والقوانين المنظمة ـ فى هذا المغمار ـ لا تحد من حرية الرأي لكنها تقنن سبل عمل القنوات التى تُمكن المواطن من إستعمال حقه فى إبداء رأيه؛ وتُعد الصحافة ـ فى هذا الخطب ـ إحدى قطاعاتها الهامة. وحرية الصحافة ـ من ناحية أُخرى ـ وكما يعلم الجميع لم تكن فى يوم مقيدة أو مكبلة فى ظل حكم العهد الملكي فى ليبيا.

 

وعندما حان موعد الرحيل، ودعت سليمان فارس، متمنياً اللقاء به مرة أُخرى. ولكن لم تشاء الأقدار أن تجود بلقاء آخر؛ ليصبح لقائنا الأول هو الآخير. ورغم ذلك فقد ترك ـ ذلك اللقاء ـ فى النفس صورة طيبة لشخصية جديرة بالإحترام.

 

 ** * **

2.   مقالة مجلة الطليعة العربية:

رغم أن اللقاءات السابقة ـ قد يكون ـ فيها ما يكفى لإستشفاف موقف تنظيم الحركة الوطنية الليبية إزاء توجه الإتحاد الدستوري الليبي؛ إلاّ أن موضوع المقالة الذى تم الإشارة إليه أعلاه، والذى نشرته مجلة الطليعة العربية (البعثية التوجه والتمويل) حول المعارضة الليبية؛ يوضح بشكل قاطع على الموقف المعنى بدون أدنى ريب أو لبس.

ومجلة الطليعة العربية، من باب التعريف، مطبوعة أسبوعية ـ كانت ـ تصدر من العاصمة الفرنسية باريس، وتعنى بالشئون العربية، ويرأس هيئة تحريرها الأستاذ نصيف عواد، الذى يُعد من أبرز أعضاء تيار البعث الفلسطيني، وقد شغل ـ لمكانته الرفيعة فى هذا الصدد ـ منصب مدير المكتب الإعلامي لصدام حسين، فى الفترة التى سبقت تعيينه رئيساً لتحرير المجلة المعنية.

فحوى المقالة ..

خصصت مجلة الطليعة العربية فى عددها الصادر بشهر أغسطس سنة 1983م مقالة، سلطت الضوء فيها على المعارضة الليبية، تحت عنوان " عشرة فصائل منظمة وهدف واحد: إسقاط نظام القذافي ". ولعله ليس بخاف على أحد، أن حيثيات المقالة والمعلومات الواردة فيها، قد تم إستقاء مادتها من عناصر البعث الليبي.

وما يهمنا هنا، إن موضوع المقالة ـ فى إطار حديثه عن المعارضة الليبية ـ قد وصف الإتحاد الدستوري الليبي، بإنه تنظيم يسعى لإعادة النظام الملكي لحكم ليبيا؛ وهذا ما يُعد مجافي للحقيقة، ويخالفها. ولذلك، بادرت بتوجيه رسالة لهيئة تحرير المجلة، بتاريخ 21/11/1983م، ألفت (فيها) الإنتباه للخطأ الوارد فى المقالة المشار إليها، وأطالبها بتصحيحه.[3]

ويرجع دافعي من وراء مراسلة الهيئة المسئولة عن تحرير المجلة، إلى كون مطبوعتها واسعة الإنتشار بين جموع القراء العرب بصفة عامة، وبين جمهور قراء التجمعات الليبية فى المهجر بشكل خاص، حيث كان أعضاء جماعة البعث الليبي شديدي الحرص على توزيعها (مجاناً) بين الليبيين، فى الخارج، على أكبر نطاق ممكن.

ومن هنا، لم أكن أريد للتحليل (الخاطىء) الوارد فى المقالة المذكورة، حول توجه الإتحاد الدستوري الليبي، أن ينطبع بصورته الزائفة فى أذهان قراء المجلة ـ المعنية ـ بشكل عام، وأبناء ليبيا ـ منهم ـ بشكل خاص.

والحقيقة التى كان يجب على كاتب المقالة ـ المنوه عنها ـ إدراجها ضمن حيثيات مقالته، هى أن توجه الإتحاد الدستوري الليبي، كما هو معلوم للقارىء المتابع لسلسلة مقالة الإعلان عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي التوثيقية الجاري نشرها، ينصب فى السعى لإعادة الشرعية الدستورية إلى نصابها الطبيعي فى ليبيا.

إما موضوع تحديد شكل النظام الذى يحكم البلاد ـ بعد خلاصها من حكم النظام الفاسد ـ فهذه مهمة منوط أمرها بأفراد الشعب الليبي بأسرهم، وليس للإتحاد الدستور الليبي، أو غيره من التنظيمات الليبية الآخرى، أو أفراد المعارضة الليبية فى الخارج، الحق فى تقريره أو البث فيه.

 ** * **

لقد حملت رسالتي لهيئة تحرير مجلة الطليعة العربية ـ فى فحواها ـ المعنى المدرج فى التعقيب السابق، والذى يشير لحقيقة توجه الإتحاد الدستوري الليبي. وقامت المجلة (فى ردها) بنشر رسالتي إلى جانب تعليق يشير إلى أنه على الرغم من توجهنا الدستوري، إلاّ أن ذلك ينحصر فى إطار تمسكنا بالدستور الملكي !.

وقد جانبت الحصافة والدقة الموضوعية، هيئة تحرير المجلة بنشرها للتعليق السابق؛ وذلك لأن الحقيقة المنطقية المجردة من أي تحيز، تفصح للمهتم ـ بهذا الشأن ـ أن التمسك بالدستور الليبي الذى أقره ممثلي الشعب الليبي، ليكون نبراس دولتهم الوليدة الذى يرشدهم لحقوقهم وواجباتهم، وهو مظلتهم التى يعمل تحت سقف قوانينها كافة مواطنيها فى سواسية تامة، وهو ميزان العدل الذى يحتكم تحت شرعية أحكامه جميع أفراد شعبها بكامل عددهم.

ومن هذا المنطلق، فإن تمسك الإتحاد الدستوري الليبي بدستور الإستقلال، لا يعنى البتة بأن توجهه ملكياً، أو أن أعضائه لديهم تصور لشكل الحكم الجديد ـ الذى سيحل محل نظام الحكم الفاسد ـ محصوراً فى الملكية بذاتها.

 الخلاصة ..

قمت بالإتصال ببعض أعضاء التيار البعثي من الذين تربطني بهم صداقة قديمة، وشرحت لهم الموقف برمته، وطلبت منهم رفع إحتجاجي على ما نشرته مجلة الطليعة من تحليل خاطىء لمسئوليهم؛ ووضحت لهم بإنه من شأن مثل هذا الخطأ المنشور فى المقالة المعنية أن يُرسخ فكرة زائفة لدى أفراد الجماعات الليبية فى ساحة معترك النضال الوطني.

وقد تفهم ـ هؤلاء الأصدقاء ـ للموقف بصورة بالغة، وأعتذروا عن الخطأ الذى وقعت فيه هيئة تحرير المجلة، بنشرها لتحليل مجافى للحقيقة؛ ووضحوا لي بإن ذلك لم يكن بخطأ متعمد أو مقصود، ولكنه نابع عن قناعة من قاموا بنشره، فى إعتقاد منهم أنه يمثل الحقيقة. ووعدوني بإصلاح الخطأ من مصدره.

وهكذا كان، فقد إتصلوا برئيس التحرير (الأستاذ نصيف عواد) الذى كان غاية فى النبالة والوعي الفكري الوقاد؛ فقد تجاوب مع رغبتي، وطلب مني كتابة التصحيح الذى يرضيني، لينشره بحذافيره فى مجلته دون مس أو إنقاص.

وبالفعل، قمت بكتابة رسالة توضيحية، تتضمن فى طياتها حقيقة توجه الإتحاد الدستوري الليبي، تم نشرها ـ على عمودين ـ فى ذات المجلة، بعددها الصادر فى الثاني عشر من شهر ديسمبر 1983م، تحت عنوان: " إلتزامنا بالدستور، لا يعنى بإننا ملكيون ".[4]

 

** * **

وفى ختام الحديث عن موضوع هذا الجزء، الخاص بموقف تنظيم الحركة الوطنية الليبية، ومن منطلق الحرص على الأمانة الصادقة، والإنصاف العادل، وما يفرضانه على المرء من وجوب الإلتزام التام بالدقة والموضوعية، فى سرده ونقله لحيثيات الموضوع المتناول. أجد لزاماً علي ـ فى هذا السياق ـ أن أشير إلى أنه رغم عدم تحقق التعاون فيم بين الإتحاد الدستوري الليبي وتنظيم الحركة الوطنية الليبية.

وأيضاً، رغم الإختلاف فى وجهات النظر، وفى كيفية إختيار أدوات توجهات كل تنظيم من بيننا ـ على حدة ـ فى إطار النضال الوطني؛ إلاّ أنه لم يبدر فى يومٍ من أعضاء تنظيم الحركة الوطنية الليبية أية تصرفات عدائية، أو إظهار مشاعر الجفاء التى من شأنها أن تؤدي إلى الخصام والقطيعة مع أعضاء الإتحاد الدستوري الليبي؛ كما لم يقم أحدهم، فُراد أو جماعة، بنشر الأقاويل الباطلة، أو إثارة الشائعات المغرضة، التى تهدف إلى إقامة العراقيل والعوائق أمام نشاط الإتحاد الدستوري الليبي.

يـتـبــع .. 

محمد بن غلبون

24 فبراير2008 

chairman@libyanconstitutionalunion.net


 

[1] أنظر الجزء السابق من هذه المقالة، تجده على الرابط التالي

: http://www.lcu-libya.co.uk/lcustry2.htm#arb20

[2] أنظر الجزء السابق من هذه المقالة.

[3] مرفق أدناه صورة لهذه الرسالة ونسخة مطبوعة منها ( ملحق رقم 1 ).

[4] مرفق أدناه صورة لهذه الرسالة ونسخة مطبوعة منها ( ملحق رقم 2 ).

 

 (ملحق رقم : 1)

صورة من رسالة الاتحاد الدستوري الليبي الأولىإلى مجلة الطليعة العربية والتي نشرت في العدد رقم 28 الصادر في 21 تشرين ثاني (نوفمبر) 1983، ونسخة مطبوعة منها.

 

مرة أخرى: عن المعارضة الليبية

 

رسالة من "الاتحاد الدستوري" .. "للطليعة العربية"

 

في عددها الصادر بتاريخ 29 آب (أغسطس) الماضي نشرت "الطليعة العربية" موضوعا عن المعارضة الليبية تحت عنوان "10 فصائل منظمة وهدف واحد: اسقاط نظام القذافي" استعرضت فيه "ضمن حدود المعلومات التي أعلنتها المعارضة الليبية من خلال اصداراتها المختلفة وعلى لسان قادتها" أوجه نشاط المعارضة وشخصياتها البارزة والفصائل السياسية المعارضة لنظام القذافي. وقد تطرق الموضوع إلى "الاتحاد الدستوري" كأحد فصائل هذه المعارضة الذي يتبين من اصداراته –كما جاء في المقال- تمسكه بالنظام الملكي لأنه يمثل –في رأيهم- استردادا للشرعية وعودة لها.

 

وقبل أيام وصلت "الطليعة العربية" رسالة من رئيس الاتحاد الدستوري الليبي يشيد فيها بالمقال المنشور وينفي في الوقت نفسه أن تكون اصدارات الاتحاد قد تناولت موضوع شكل النظام في ليبيا المستقبل. وحرصا من المجلة على حرية الرأي وتبيان وجهة نظر هذا الفصيل من فصائل المعارضة الليبية تنشر ما جاء في رسالته هنا مع لفت الانتباه الى الفقرة الواردة في الرسالة نفسها والتي تشير الى تمسك الاتحاد بـ "الدستور الليبي الوحيد في تاريخ ليبيا السياسي والذي وضعته جمعية وطنية سنة 1951". أي الدستور الملكي.

 

رئيس تحرير مجلة "الطليعة العربية"

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في عددكم رقم 16 المؤرخ 29 آب 1983 مقال جيد عن المعارضة الليبية باسم  "10 فصائل منظمة وهدف واحد".

في مقالكم المذكور استعرضتم فصائل المعارضة الليبية وأشرتم إلى التيارات السياسية المتعددة التي تمثلها تلك الفصائل.

ولنا تعليق على اشارتكم بخصوص الاتحاد الدستوري نأمل نشره، حيث أنكم كتبتم "أنه يتبين من اصداراته تمسكه بالنظام الملكي السابق ويطالب بإعادته لأنه في رأيه يمثل استرداد للشرعية وعودة لها".

وذلك مفهوم خاطئ لما جاء في اصدارات الاتحاد الدستوري التي لم يتناول فيها الاتحاد اطلاقاً موضوع شكل النظام في ليبيا المستقبل ولم يتمسك بأي شكل من أشكال الحكم بل ترك ذلك مفتوحاً للنقاش وليُقرر في استفتاء عام.

وما تمسك به الاتحاد الدستوري واعتبره الطريق الى استرداد الشرعية والعودة لها والخروج من فخ الانقلابات العسكرية هو الدستور الليبي الوحيد في تاريخ ليبيا السياسي والذي وضعته جمعية وطنية سنة 1951م، والذي قامت بناء عليه نواة مؤسسات دستورية عصرية أهدرها انقلاب سنة 1969م.

لكم منا فائق الاحترام وأخلص التمنيات بالتوفيق

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

(ملحق رقم :2)

صورة من رسالة الاتحاد الدستوري الليبي الثانية إلى مجلة الطليعة العربية والتي نشرت في العدد رقم 31 الصادر في 12 كانون الأول (ديسمبر) 1983، ونسخة مطبوعة منها.

 

 

الاتحاد الدستوري الليبي

 

التزامنا بالدستور لا يعني أننا ملكيون

 

السيد رئيس تحرير مجلة "الطليعة العربية"

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أسعدنا جدا حرص مجلتكم الغراء عى حرية الرأي والتزامها بشرف الصحافة ومبادئها، والذي دللتم عليه بنشركم لرسالتنا في عددكم 28 المؤرخ 21 تشرين الثاني 1983م.

ان لفتكم لانتباه القارئ لاحدى فقرات الرسالة الخاصة بالدستور الليبي والتي علقتم عليها بأنه "الدستور الملكي" أشار إلى طريقة فهمكم لما جاء في اصداراتنا وتلخيصكم لما ننادي به ونعمل من أجل تحقيقه أنه عبارة عن محاولة لإعادة النظام الملكي إلى ليبيا بطريقة أو بأخرى.

ولقد سبق ووجهنا بهذا المفهوم لمبادئنا من عدة جهات في مناسبات مختلفة. ولا ندري أسبَبُ ذلك فشلنا في طرح فكرتنا بالوضوح الكافي أم أنه عدم اهتمام تلك الجهات بالإستماع إلى وجهة نظرنا ومناقشتها معنا مباشرة، أم أن بعض الجهات التي تحاول أن تفرض خط سير معين على القضية الليبية يخدم مصالح تلك الجهات تحاول أن تصرف الانتباه عما ننادي به حقيقة وتفرض عليه مفهوم معين.

 

إن إشادتنا بشخص ملك ليبيا السابق السيد محمد ادريس السنوسي رحمه الله جائت انطلاقا من دوره المجيد في التاريخ الليبي ومن اعترافنا بالفضل لأهله وشكره.

 

كليبيين... حيّينا ونحي السيد محمد ادريس السنوسي كأمير للجهاد اجتمعت تحت رايته كل القوى الوطنية للخلاص من الاستعمار، وبحنكته وسداد رأيه وجّه العمل الوطني الاتجاه الصحيح وأسس أول جيش نظامي ليبي قام بدور فعال في تحرير ليبيا.

حيّينا ونحي السيد محمد ادريس السنوسي كسياسي لبق استطاع استخلاص بلاده من براثن أقوى الدول في ذلك الوقت وانتزع الاعتراف باستقلالها بالرغم من مشاريع التقسيم والوصاية.

 

كعرب... حيّينا ونحي السيد محمد ادريس السنوسي لتحقيقه لأنجح خطوة على طريق الوحدة العربية، حين وحد بين أقاليم ليبيا الثلاث برقة وطرابلس وفزان لأول مرة في تاريخ البلاد رغم صعوبة ذلك واختلاف تلك المناطق الثلاثة اختلافاً واضحاً في العادات واللهجة واللون. وحّد بينها بطريقة سليمة غير قابلة للانفصال حتى أن العالم العربي أجمع والجيل الجديد من من الشعب الليبي نفسه نسي أن هذه البلاد كانت وحتى الستينات تتكون من ثلاث شعوب مختلفة.

 

كمسلمين... حيّينا ونحي السيد محمد ادريس السنوسي شيخ الطريقة السنوسية الذي تدفّق البترول في بلاده وظهرت أثاره على كافة الشعب وتوهم الجميع أن المستفيد الأول هو الملك، ثم تفاجئنا وسائل اعلام الانقلاب في محاولة غبية للإساءة له، تفاجئنا بأن ملك ليبيا احدى أغنى الدول العربية تتكون ملكيته الخاصة في بلاده من 300 نعجة ومجموعة من السِبح وعصيّ البوص والكتب. ثم تكشف لنا وفاته أنه كان يعيش في مهجره في ضيافة مصر على نفقة حكومتها التي تكفلت مشكورة بكافة مصاريفه الشخصية لعدم ملكيته لشروى نقير خارج بلاده وعدم وجود أي مصدر دخل له طوال حياته سوى مرتبه الذي انقطع بقيام الانقلاب.

 

هل يملك أي رجل شريف أيها السادة إلا أن يقف تبجيلاً لذلك الرجل بصرف النظر عن النظام الذي يمثله وبصرف النظر عن اختلاف وجهات النظر السياسية.

وهل تبجيلنا له هو ما فُسر أنه تمسك بشكل معين من أشكال الحكم؟

 

أم أن تمسكنا بالدستور الليبي هو ما أُسئ فهمه؟

إن تمسكنا بالدستور الليبي وندائنا لكافة فصائل المعارضة لاتخاذه أرضية يجتمعون عليها مع احتفاظ كل فصيل بهويته السياسية يأتي انطلاقاً من احترامنا لرأي الشعب الليبي وحقه في تقرير مصيره. حيث أن ذلك الدستور وُضع من قِبل جمعية مثلت رأيه الحر وتقرر اختيار النظام الملكي وشخص الملك بعد استطلاع شامل لرغبة الشعب، فلا يجب أن نُجيز تغيير تلك الرغبة أو تعديل ذلك القرار إلا بطريقة متحضرة مثل تلك التي اختير بها، أما التغييرات التي أحدثها الانقلاب فهي مرفوضة، حيث أن كل ما بُني على الباطل فهو باطل.

لقد نشرنا بنود الدستور الليبي في كتيبنا المؤرخ 24 ديسمبر 1981، فهل يوجد أفضل من ذلك دستوراً يتطلع إليه أي شعب متحضر؟

وكنتيجة لما سببه الانقلاب من تشكيك حول رغبة الشعب في شكل نظام الحكم ولكثرة الجدال واختلاف وجهات النظر حول هذه النقطة وتغير الظروف والزمان، فقد تحفظنا على المادة الأولى التي تحدد شكل نظام الحكم، والتي وضعت بناءا على رغبة شعبية. تحفظنا عليها بأن اقترحنا للعمل بذلك الدستور أن يعاد النظر فيها خلال استفتاء شعبي بعد سقوط الانقلاب، يوضح للجميع رغبة الشعب في التمسك بقراره القديم أو تعديله واتخاذ شكل جديد للدولة يناسب مسيرتها.

أين في ذلك محاولة فرض شكل للحكم أو حتى اقتراحه قبل الاستماع إلى رأي الشعب مصدر الشرعية؟

 

لكم منا عظيم الشكر لنشركم رسالتنا السابقة ونأمل نشركم لهذه حتى تتيحوا لنا فرصة تبيان وجهة نظرنا من خلال منبر حر مثل مجلتكم التي تقف في طليعة المنابر الحرة، ونرجوا ألا يغلق باب الحوار بيننا.

 

لكم منا فائق الاحترام

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

محمد عبده بن غلبون

رئيس الاتحاد الدستوري الليبي.

 

 

نشرت هذه الحلقة يوم الاثنين 26 فبراير 2008 على المواقع الليبية

"ليبيا وطننا" و "ليبيا المستقبل" و "المنارة"

 

 
عودة إلى أعلى الصفحة

 

 

 

 

 

 
 

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء الثاني والعشرون

 

[2] الإعلان عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي

 

شهادة وتوضيح:

 

لابد لي قبل البدء فى سرد حيثيات موضوع هذا الجزء، الذى سيتناول تنظيم الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، أن أعرج على أمرٍ هام، يتطلب سياق الحديث المتناول ذكره؛ وهو الإعتراف الصريح، بإني قد أرتكبت بعض الأخطاء، فى مقتبل حياتي النضالية، والتى أتحمل المسئولية الكاملة عنها؛ ولا ألقى باللوم ـ عنها ـ على أحد سواي.

ولعل ما يريح سريرتي، فى هذا الصدد، هو علمي اليقين بإن جميع الأخطاء التى أتتها نفسي فى تلك المرحلة، كانت بسبب عدم خبرتي بقواعد اللعبة السياسية، وإفتقاري للمراس الحزبي، حيث لم أخض أو أشارك فى أي عمل سياسي أو تنظيمي قبل تأسيسي لكيان الإتحاد الدستوري الليبي.[1]

ولم يكن للنية الحسنة الصادقة، والتوجه الوطني المخلص فى أعماق نفسي، أن يمنعا وقوعي فى تلك الأخطاء، التى نجمت عن إنعدام الخبرة والتجربة فى المجال المطروق؛ إلى جانب بعض من العوامل الأخرى الخارجة عن أرادتي الذاتية ـ سيتم إجمالها فى النقاط التالية ـ كان لها مجتمعة، مع العوامل الذاتية السالفة الذكر، إلى خلق تلك الأخطاء.

 

1.     غياب، أو ندرة، المعلومات التوثيقية والمتخصصة، التى تؤرخ لأوجه وأبعاد الحياة السياسية فى العهد الملكي؛ حيث لم يترك رجال الحكم آنذاك، معلومات وافرة، تُسجل وتوثق لعهدهم، ولم يتركوا ورائهم أرشيف، يستطيع المهتم بشئون تلك الفترة، من اللجوء إليه لتحقيق مبتغاه.

وقد واجه، وعانى الكثير غيري، من أفراد وتنظيمات المعارضة، على حد سواء، من جراء هذا النقص الحاد فى المعلومات الخاصة بتاريخ تلك الفترة. ولعل هذا ـ هو ـ أحد الأسباب الرئيسية التى دفعت بي، إلى تدوين كافة ما أعرفه من معلومات حول المرحلة الحالية، من أجل توثيق تاريخنا، وتسهيل الأمر على الدارسين والباحثين فى هذا المجال، فيم بعد.

 

2.     الإعتقاد السائد بإن الدول الكبرى تُعير قدراً من الإعتبار، لمعاناة الشعوب المقهورة؛ وأنها تولى أهتماماً كبيراً لأمر تحرير أرادتها؛ وتعمل ـ مجتهدة ـ على تمكينها من إرساء قواعد الديمقراطية فى مجتمعاتها؛ وأنها صادقة فى شأن مناصبتها العداء لنظام الحكم الفاسد فى ليبيا؛ وأنه لا يمكن لها ـ من واقع الشعارات والمبادىء السامية التى تنادى بها ـ أن تتأمر على مصلحة الشعب الليبي.

هذا الإعتقاد الخيالي، ضلَّلني بزيفه، فى مستهل نشاط حياتي النضالية، وأوقعني فى مغبة إرتكاب بعض من الأخطاء المشار إليها، والسبب من وراء ذلك، يكمن فى عدم درايتي الكاملة بالقواعد التى تتحكم فى سياسات هذه الدول، وهى المتمثلة فى السعي إلى تحقيق مصالحها البحتة، وغير ذلك من الأمور الأخرى، فإنها مجرد أجرام تدور حول فلك هذا الهدف السقيم.

وقد كلفتني هذه الأخطاء، الكثير من الجهد المضني، والوقت الثمين، فى المباحثات التى تمت مع ممثلي إدارة الحكومة الأمريكية[2]؛ والتى لم تكن ـ البتة ـ على حساب المصلحة الوطنية؛ فرغم قلة تجربتي، إلا أن الحرص على المصلحة الوطنية، كان هو شريان الحياة الذى تنبض به كافة حواس نفسي ووجداني.

ومن الناحية الأخرى، لا أنكر أنني قد أستفدت من تلك الأخطاء كثيراً؛ ولعل الفائدة الكبرى، فى هذا السياق، هو تيقني بإن حل القضية الليبية ـ الهادف لتغيير نظام الحكم الفاسد ـ لا يمكن حدوثه إلاّ بتعاضد وتألف قوى نضال الشعب الليبي، وليس بالإعتماد على القوى الخارجية، التى لا يهمها فى هذا المضمار، إلا مصالحها. ولعل أصدق ما يدل على هذا الأمر هو المثل العربي، القائل:

لا يحك ظهرك، مثل ظفرك ... فتدبر أنت، كل أمرك

 

3.     وثاني الإعتقادات الخاطئة، التى قادتني لإرتكاب بعض الأخطاء الإرتجالية، هو ظني بإن القيادات والحكومات العربية، تملك حرية إرادتها، فى إتخاذ القرارات التى تمليها عليها مصالح بلادها، تجاه القضايا والحقوق المختلفة (العادلة)، للشعوب العربية، على حد سواء.

ولكن صدمتي كانت مهولة، عند إكتشاف خطأ إعتقادي فى هذا الخصوص، وإن معظم القادة العرب، محدودي الحرية، عندما يأتى الأمر للبث فى بعض القضايا المعينة، المتعلقة بمصالح القوى الكبرى؛ وعلى وجه التحديد، التى لا تلاقى القبول من إدارة حكومة الولايات المتحدة الأمريكية.

وهذا ما أوقعني فى شرك، إهدار جهودي ووقتي، فى السعي لدى من هم لا يملكون حرية إرادتهم، ولا يستطيعون تحريك قطعة (واحدة) فى شطرنج سياسات بعينها، بدون أخذ الإذن المسبق، من إدارة الحكومة الأمريكية.

 

4.     أما السبب الرابع فى سلسلة العوامل التى ساعدت على وقوعي فى الأخطاء المشار إليها، يكمن فى وهم إعتقادي بإخلاص وصدق الشخصيات الليبية المرموقة، فى الولاء للملك إدريس (رحمه الله)، وللقضية الليبية.

وعندما أنقشع البرقع الساتر، على مسن المحك العملي؛ أكتشفت، عند إتصالي بهذه الشخصيات ـ فى فترة تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، وما تلاها ـ بإن كثير منها، تتماثل فى طابعها مع طابع أسود السيرك، التى تجيد القفز من خلال قرص النار، وتزأر بملىء فمها عالياً، لكنها لا تستطع مجاراة أو مواكبة أفعال أبناء فصيلتها القاطنة فى الأحراش والغابات؛ فزئيرها لا يتطابق مع الطبيعة التى جبلت عليها، فى القدرة على الإفتراس.

ما أردت قوله، أنني صدمت، بل أنه سادني رعب مهيب، من الصورة الحقيقية التى رأيت عليها بعض هذه الشخصيات، التى كُنت عاقد الأمل على عضدهم، ومؤازرتهم، لقضية بلادهم، ولمليكهم، الذى يمثل الشرعية الدستورية فى البلاد.

فقد وجدت بعضهم، غارقين فى عصبيتهم القبلية والجهوية؛ وآخرين تغمرهم أطماع المصالح المادية؛ وما صفى منهم، إلاّ قلة صغيرة، صدق أفرادها فيم عاهدوا عليه ملكهم أمام ربهم.

 

5.     ومن الأسباب التى قيدت نشاطاتي، السابقة واللاحقة على تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، وأوقعتني فى مغبة بعض الأخطاء السالف ذكرها، هى مسألة الدعم المادي، التى كانت تخضع لمعايير وحسابات، تحددها الجهات الداعمة، سواء كانت أفراد أو دول.

ولعله من المسلمات المعروفة لكل مطلع فى هذا السياق، أنه يُعد أقرب إلى المستحيل، على أي تنظيم معارض أن يمارس نشاطاته المرسومة، دون أن تكون له ميزانية مالية معينة، ينفق من خلالها على كافة متطلبات النشاطات المقترحة.

وتزيد هذه الميزانية أو تقل، بحسب كثافة برامج هذه النشاطات، المأمول تحقيقها لأهداف التنظيم المعني؛ والتى تدخل فى عدادها، فى غالب الأحيان، نفقات الأعمال الكتابية التى يتم طباعتها ونشرها وتوزيعها، مثل الكتب، والكتيبات، والمجلات، والنشرات الدورية، والمنشورات، والبيانات الصادرة عن التنظيم فى المناسبات الطارئة والعامة. كما يدخل فى حسبان هذه النفقات، تكاليف رحلات السفر المختلفة، وعمليات الإتصالات بمختلف وجوهها؛ كما تضم النفقات عمليات الإعداد للمؤتمرات الصحفية، والندوات التوعوية، وإعداد المظاهرات والإعتصامات المنددة؛ هذا إلى جانب النفقات المعيشية للإعضاء المتفرغين للإشراف على تنفيذ برامج النشاطات المختلفة.

ومن هنا، يضطر أصحاب التنظيمات المختلفة، إلى بذل كافة جهودهم لتوفير متطلبات الميزانية المالية لنشاطات تنظيماتهم، من خلال اللجوء للمصادر المختلفة المتاحة، والتى يمكن حصرها فى هذا النطاق، بالنسبة لتنظيمات المعارضة الليبية، فى ثلاث مصادر:

 

·        مصدر التمويل الذاتي:

وينقسم بدوره إلى مصدرين:

o       تمويل يتم توفيره من داخل التنظيم ذاته، أي بمساهمات مالية يقدمها الأعضاء، كل بحسب قدرته.

o       تمويل يتم الحصول عليه من الشخصيات الليبية المقتدرة، من خارج كيان التنظيم.

 

·        مصدر التمويل العربي:

ويتم فيه اللجوء لحكومات الدول العربية، للحصول منها على تمويل مالي، إضافة لتسهيلات حرية الحركة والإقامة، وتأسيس مكاتب، أو إذاعة موجهة، وغيره.

 

·        مصدر التمويل الأجنبي:

ويتم من خلاله اللجوء للدول الأجنبية، وبالذات صاحبة النفوذ البالغ فى العالم، للحصول منها على المساندة والمؤازرة السياسية للقضية الوطنية، بينما يأتى الدعم المالي، لمعظم التنظيمات ـ عند التوجه للدول صاحبة القوة النافذة فى العالم ـ فى آخر سلم الأولويات.

 

وإلى هذا الحد، أصل لما يخصني وكيان الإتحاد الدستوري الليبي فى هذا المضمار؛ وهو الإشارة إلى الأخطاء التى تسبب فيها بحثي عن مصدر لدعم نشاطات الإتحاد الدستوري الليبي، والتى ضاع جهدي ووقتي ـ فى أثناءه ـ أدراج الرياح.

هذا، فى الوقت، الذى لم أتوقف فيه وأشقائي هشام، وعلي (رحمه الله)، عن تمويل كافة نشاطات كيان الإتحاد الدستوري الليبي، فى مرحلة الإعداد، السابقة على تأسيسه، وبعد قيامه، وشروع الأعضاء فى تفعيل برامج نشاطاته المرسومة. ولكن، وكما كان يعلم مؤسسي وأعضاء الإتحاد الدستوري الليبي ـ الذين ساهم بعضهم في جزء من المصاريف الأولية للتأسيس ـ منذ البداية، بإن نشاطاته الجادة، تحتاج لأكثر من قدرة التمويل الذاتي، التى يوفرها القائمين عليه؛ وأنه عاجلاً أم آجلاً، سيأتى الوقت الذى تدفع الضرورة الملحة فيه، للبحث عن مصادر تمويلية أُخرى؛ فالتمويل الذاتي بمعزله لن يكن كافياً، ومصيره للنفاذ، وكما يقال فى الأمثال العامة، " خذ من التل يختل ".

وهنا، يكمن أحد أسباب أخطائي المذكورة، فقد تسبب فهمي الخاطيء، وقصور معلوماتي حول المقاييس والموازين التى يتعامل بها معظم أثرياء ليبيا ورجال أعمالها فى الخارج، فيم يخص أمر دعمهم المالي لتنظيمات المعارضة، إلى لجوئي لبعضهم؛[3] لأصطدم بالحقيقة المرة على أرض الواقع، التى بينت، بما لا يدعو للشك، أن الإسهامات المالية لهذه الشخصيات فى نشاطات المعارضة الليبية فى الخارج، تخضع فى مجملها، لحسابات تجارية صرفة، ولا تنطلق ـ كما كُنت أظن ـ بدوافع وطنية بحتة.

حيث أن دعمهم وإسهاماتهم المالية، تخضع لمعايير وإعتبارات الربح والخسارة، وهذا شبيه إلى حدٍ بعيد، بما يجرى فى مراهنات سباق الخيل؛ فأكثر المراهنات، فى العادة، تذهب للحصان الأكثر أحتمالاً للفوز بالسباق؛ والأمر برمته ـ فى نظري الخاص ـ لا يعدو عن كونه عملية إستثمارية خالصة، يأتى تحقيق المصلحة الوطنية فيها، كفائدة إضافية.

إما بالنسبة لدعم حكومات الدول العربية، فى هذا الشأن، فأنه يخضع فى كامل حساباته، وبالدرجة الأولى، لموافقة ورضا حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، عن التنظيم، المرغوب فى دعمه؛ وفى هذا الإطار، فأنا لا أُذيع سراً مكتوماً، إذا أشرت إلى أن الرضا والموافقة الأمريكية بمنح الدعم والمساندة الكاملة، قد ذهب من نصيب الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا. هذا بالتأكيد إذا إستثنينا، الأحزاب القومية المؤدلجة، التى كانت تتلقى الدعم من بعض الدول التى ترتبط معها بصلات إنتماء وولاء حزبي بحت، مثل الدعم والمساندة التى كانت تتلقاه جماعة البعث الليبية من الحكومة العراقية.

 

ولا أحتاج هنا، إلى أن أُشير لجهودي المضنية التى باءت بالفشل، أثناء محاولاتي للحصول على دعم من بعض الحكومات العربية، التى كانت قوائمها فى هذا الخصوص تستثني كيان الإتحاد الدستوري الليبي؛ وهذا كان أحد الأخطاء ـ السالفة الذكر ـ التى وقعت فى مغبة محذورها.

 

وهكذا، رغم تأثير العوامل السابقة، فى دفعي لإرتكاب الأخطاء ـ المشار إليها ـ فى تلك الفترة المبكرة من حياتي، إلاّ أنه تظل مسئوليتي الكاملة، أمام الله والتاريخ، لا لبس فيها.

 

** * **

العودة لصلب الموضوع .. 

لعل القارىء يكون قد منحني العذر على هذا الخروج البسيط، عن صلب موضوع هذا الجزء، الخاص بالحديث عن الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، والذى كان ضرورياً، ولا مناص لي من التطرق إليه.

وقبل المضي، فى سرد وقائع الأحداث المحيطة بظروف العلاقة بين تنظيم الجبهة الليبية لإنقاذ ليبيا، وبين كيان الإتحاد الدستوري الليبي؛ لابد أن أؤكد بما لا يترك مجالاً للشك، بإن حديثي حول جبهة الإنقاذ، من خلال هذه المقالة التوثيقية، لا يهدف إلى تصنيف أعمالها ونشاطاتها، أو الحكم عليها، أو إعتبار المعلومات الواردة ـ فى هذه المقالة ـ حولها، هى مجمل تاريخها النضالي فى خدمة القضية الوطنية.

ولهذا، فإنه من الأهمية بمكان، أن يعي القارىء، بإن ما هو بصدد الإطلاع عليه من معلومات فى هذه المقالة، لا تعدو ـ عن ـ كونها وقائع وأحداث، نقلتها بحذافيرها، بعد معايشتي لها على أرض الواقع؛ ورغم سلبياتها الكثيرة، إلاّ أنها ذات أهمية، وقيمة تاريخية، توثق لمجريات أحداث ومواقف بعينها، وليس لتاريخ نضال الجبهة العريض.

 

** * **

الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا ..

لم يكن عنصر المفاجأة الذى أعترت مشاعر مؤسسي كيان الإتحاد الدستوري الليبي، بأقل من تلك التى داهمت، قادة الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، حين لعبت الصدفة البحتة دورها، فى أن يتم الإعلان عن تأسيس التنظيمين، فى ذات اليوم، وهو السابع من أكتوبر سنة 1981م.

 

ورغم تمكن مفاجأة الإعلان عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، فى ذات يوم الإعلان عن تأسيس الجبهة، بسطوتها العاتية، على مشاعر قادة الجبهة وكبار نشطائها؛ إلاّ أن معظم مشاعر ذهول المفاجأة، فى هذا المضمار، قد ذهبت من نصيب أصحاب العقول المدبرة فى كيان (القوة الكبرى)، التى كان لها فضل فكرة تأسيس الجبهة، ودعمها ومؤازرتها.

 

شرح .. لابد منه:

عند هذه النقطة، أجد لزاماً علي، من تقديم شرح ـ للقارىء ـ حول العقول المدبرة وإستراتيجيتها التى قادتها، لإطلاق فكرة تكوين تنظيم، بحجم جبهة الإنقاذ، لضم كافة أفراد قوى المعارضة الليبية فى بوتقته، حتى تستطيع بمخططها المرسوم، من إحباط الثورة النامية فى وجدان كيان الطليعة الوطنية.

 

وحتى يسهل على القارىء فهم جوهر هذا الموضوع؛ لابد له من رؤية المشهد المعنى بكامله، وعلى حقيقته، أي بلغة أهل السينما، بدون مونتاج أو رتوش، وهذا ما يمكن أن نراه، من خلال نظرة نلقيها على خريطة عالمنا السياسية، التى نقطن فوق رقعة أرض صغيرة منها.

 

لقد تكونت هذه الخارطة، بصورتها التى نعرفها بها اليوم، بفعل الصراعات بين الدول المالكة لأدوات وعناصر القوة الرادعة، حول المصالح الإستراتيجية، المتمثلة فى الثروات الطبيعية المتناثرة فى بقاع متفرقة من أراضى هذا الكوكب الكروي.

 

وقد نظمت القوى الإستعمارية ـ القديمة، فى ثوبها الجديد ـ مجموعة من القواعد (غير المكتوبة)، التى يدور فحواها حول تحقيق مصالحها، فوق كل الإعتبارات الآخرى، بما فيها المعايير الأخلاقية والإنسانية؛ وفى ذات الوقت، أجتمعت بكامل عددها، مع بقية دول العالم، التى لا تملك أوطانها أدوات القوة التى تحمى بها نفسها، والدراية الكاملة بمجريات سياسات الدول الإستعمارية، ووضعت مجموعة من البنود واللوائح (المكتوبة) والمقننة، تم صياغتها تحت قبة المبنى العملاق، الذى جرى على تسميته هيئة الأمم المتحدة !.

 

ولم تكن للأمم المتحدة ـ التى إرادة قراراتها الحاسمة تتحكم فيها قوى الدول الكبرى فى داخل المنظومة ـ أن تحيل دون إعتداء قوى الإستعمار على حقوق الدول الضعيفة؛ كما لم يكن لها أن تحمى الشعوب من إستبداد حكامها.

 

وهكذا كان، فقد فردت القوى الكبرى فى العالم عضلاتها المفتولة، ناصبة بين أعينها تحقيق مصالحها الإستراتيجية، فى كافة تعاملاتها مع قضايا شعوب العالم المختلفة؛ وأصبح الأمر كله، رهين بتلك المصالح، حيث لا يتم تغيير نظام معين، إلاّ إذا تأثرت مصالح هذه القوى بوجوده وإستمراره؛ فى حينه (فقط) تسارع هذه القوى إلى زعزة النظام المعني، من فوق سدة الحكم، بشتى الطرق والوسائل المتاحة منها، والخفية.

 

وفى نفس الوقت، الذى لا تتغاض فيه ـ فحسب ـ عن أنظمة دكتاتورية غير صالحة لحكم بلادها، وتعانى شعوب البلاد المنكوبة بها، من ويلات ممارستها الإستبدادية، بل أنها تهرع لحمايتها، والتخطيط لبقائها فى الحكم، من خلال عرقلة جهود قوى الطليعة الوطنية، التى تسعى لتغيير النظام غير المرغوب فيه.

 

ولا تقف هذه القوى الدولية، عند هذا الحد، بل أنها تقوم من أجل مصالحها المرتبطة بإستمرار بعض الأنظمة الإستبدادية، برسم الخطط الكفيلة بالقضاء على قوى الطليعة الوطنية التى تتصدر لمعارضة النظام الذى يعنيها أمره، وذلك حتى تضمن تثبيت دميتها فى الحكم، لتحقيق مصالحها الإستراتيجية؛ وأصدق الأمثله فى هذا المضمار، نجدها واضحة، فى نظام حكم القذافي (الفاسد) فى ليبيا.

 

وهنا، نصل إلى النقطة الأساسية، فى الأمر برمته، وهى أن العقول المدبرة لقوة الدولة، ذات التأثير الأكبر فى سياسة العالم، منذ صناعتها لنظام الإنقلاب، فى سبتمبر 1969م، لم تتوقف لحظة عن مساندته، ومد يد العون له، عند الضرور والحاجة.

 

وبغض النظر هنا، عن تقاسم الأدوار فى مسرحية (لعبة) العداء الظاهر على مستوى الإعلام، بين النظام الفاسد، وبين دولة العقول المدبرة، والتى برع فيها رأس النظام الفاسد، وأتقن دوره المرسوم، من خلال نقل البلاد عبر مراحل سياسية مختلفة الألوان؛ يتراءى فيها للناظر، من خلال الشعارات الوهمية المرفوعة، سياسات تنادى بمبادىء وشعارات وطنية، وتارة قومية، وأخرى إسلامية، وثالثة إقليمية، لكنها كلها على أرض الواقع تسخر لمزيد من الإستبداد وإهدار ثروة البلاد؛ وهدم بنيتها التحتية؛ والشيء الوحيد الثابت فى دوامة هذه اللعبة، هو تحقيق مصالح دولة أصحاب العقول المدبرة الإستراتيجية.

 

إذن، كل الأمر مرسوم ومدبر، ومخطط له، وكل طرف يلعب دوره، من أجل خداع الشعب، بلغة الخطابة النارية المتشنجة، المتسترة خلف الشعارات الوطنية المنمقة. وهنا فقط، ينجلى الفهم، وتتضح الصورة بكامل ظلالها وألوانها.

 

والفهم الذى أتمنى وصوله للقارىء، من خلال الطرح السابق، هو أن تحرك العقول المدبرة، لتغيير مسار القضية الليبية، لصالح نظام الحكم الفاسد، قد بدأ مع بروز قوى الطليعة الوطنية الليبية، فى النصف الثاني من عقد السبعينات من القرن المنصرم. وحالما بدأت براعمها تتعاظم مع مشارفة ذلك العقد على الزوال، أنتشر الأمل بين جماهير الشعب الليبي، مستبشرة بإن ـ هذه الطليعة الوطنية ـ ستتمكن مع مرور الوقت من الإطاحة بكيان النظام الفاسد.

 

وفى هذا الوقت بالتحديد، إنطلقت صفارة الإنذار، فى غرفة عمليات العقول المدبرة، التى أستشعرت الخطر الداهم، على إستقرار حكم صنيعتها، حيث لم يكن لديها الثقة فى إمكانية هذا النظام على الصمود أمام قوى المعارضة الوطنية. ولذا فقد سارعت ـ على الفور ـ إلى رسم خطة، حسبت فى ظنها ـ وظنها كان صحيحاً ـ أنها ستقضى على حالة التوقد الوطني، الذى أشتعل فتيله فى وجدان طليعة الشعب الليبي الوطنية.

 

وهكذا، قضي الأمر، تحركت الشخصيات الليبية القريبة من إدارة دولة العقول المدبرة[4]، لتلعب دوراً أساسياً، فى تجميع القيادات المؤسسة لكيان جبهة الإنقاذ؛ وأنهالت الأموال الجمة، والتسهيلات الفائضة فى كرمها، من كل صوب وحدب.

 

وتأسست الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، وجذبت الدعاية الهلامية، التى كانت تروج بإنها ـ لا محالة ـ ستحرر البلاد من ربقة حكم النظام الفاسد، وأنها الخيار الأمريكي البديل لنظام الإنقلاب؛ أفراد المعارضة الليبية فى المهجر، فهرعوا للإنضمام لعضويتها، فرادى، وجماعات، حتى لا يتخلفوا عن ركب قطار التحرير الذى أطلق للتو صفارته، لبلوغ رصيف محطة السلطة، فى داخل ليبيا.

 

** * **

 بعد هذا الشرح الضروري، لفهم سيناريو المشهد، فى فترة الحراك الوطني الذى ساعد على بزوغ طليعة المعارضة الليبية، من ناحية. ولفهم العوامل والمعطيات السياسية التى ساعدت على تأسيس تنظيم الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، من ناحية أُخرى.

 

أجد، أنه قد أصبح من السهل مواصلة الحديث الذى توقفنا عنده، والذى يدور حول، عنصر المفاجأة الذى أعترت مشاعرها كيان العقول المدبرة، عند الإعلان عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، والتى كان سببها، كامن فى فكرته المطروحة، القائمة على تبني مشروع إعادة الشرعية الدستورية، من خلال مبايعة ممثلها القانوني، الملك إدريس (رحمه الله).

 

فقد خشت، تلك العقول المدبرة، من نسف مشروعها القائم على تجميع المعارضة الليبية فى كيان تنظيم الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، حيث لم تكن تُريد أن تبرز على الساحة النضالية، تنظيمات ليبية، لها ثقل فكري، ينازع الجبهة، فى إحتواء المعارضين فى الخارج. خاصة إذا، كان من بينها تنظيم يقوم كيانه على فكرة، يكمن فى ثناياها التوجه النضالي الصحيح، الذى يؤدى تبنيه وإتباعه، إلى الهدف المراد.

 

ومن هنا، وقبل أن يتم الإعلان عن تأسيس الجبهة، سارعت تلك العقول، بإسداء النصيحة لقيادة الجبهة بالتوجه إلى القاهرة لمقابلة الملك إدريس، ومحاولة إحتوائه والحصول على تنازل منه لصالح الجبهة. وبالفعل، قام الدكتور محمد المقريف، أمين الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، بتلك الزيارة.

 

وقد كان الحاج محمد السيفاط، ظهيره فى هذا الأمر، حيث حصل له على الإذن بإتمام تلك الزيارة، وقام بمصاحبته فيها؛ ولم يفارق الأمل الأثنان فى أن يحصلا ـ فى نهايتها ـ على مبتغاهما، بتنازل الملك إدريس عن حقه الشرعي فى حكم ليبيا، للدكتور محمد المقريف !. لكن آمالهما، وآمال العقول المدبرة، فى هذا الإطار، قد خابت، وباءت بالفشل.[5]

 

** * ** 

والأساس فى كل ما تم ذكره فى الفقرة السابقة، إن العقول المدبرة، كانت قد عقدت الأمل، على أن تحصل قيادة الجبهة، على موافقة الملك، لوعيها الكامل بأهمية هذه الخطوة، لنجاح المعارضة فى الوصول إلى مبتغاها، الهادف لتغيير حكم النظام الفاسد؛ والخروج من دوامة الإنقلابات العسكرية.

 

ومن هنا، كان إيعازها لقيادة الجبهة، بإن تسعى فى تجاه الحصول على التنازل المذكور من الملك إدريس (رحمه الله). لكنها لم تكن تضع فى حسبانها، إن هناك بعض الأمور التى لا تملك سلطان عليها؛ ولعل أحداها، وهو الذى لعب دوراً حاسماً فى هذا الشأن، وأختبرت العقول المدبرة نفاذ قوته، هو فراسة المؤمن، التى أشار لها الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، والتى متع الله بنعمتها الملك إدريس، طيب الله ثراه؛ حيث راى بفراسته الثاقبة، عدم صفاء النية فيم طلبه منه السيفاط والمقريف، أثناء زيارتهما له. فما كان منه ـ والحال كذلك ـ إلاّ أن صدهما برفضه، ليخرجا من عنده، يتنازعان فى أمر أحقية كل واحد منهما بمعزله، فى العودة بخفى حنين.

 

وقد وصلت العقول المدبرة، من خلال هذه النتيجة، إلى أن الحصول على تنازل ـ أو تفويض ـ من الملك فى هذا الخصوص، يرقى إلى مرتبة المستحيل. وذلك من خلال الإستناد على قياس المكانة والحظوة الكبيرة التى كان يتمتع بها الحاج محمد السيفاط لدى الملك إدريس، والتى كانت فى إعتقاد العقول المدبرة، كفيلة بإن تجعل الملك يمنح تنازله المطلوب لقيادة الجبهة أو غيرها، بسهولة لا تتعد مفاتحة السيفاط له بمثل هذا الطلب.

 

ومن هنا، فقد صرفوا نظرهم عن هذا الأمر، فى ظن منهم بإن الملك لا يرغب فى لعب دوره فى هذا الخصوص، وإنه قد عزف عن الخوض فى أمر القضية الوطنية. ولهذا فإنه لاحاجة لأن يساورهم القلق فى هذا الشأن.

 

** * **

ولعل القارىء، قد يظن عند هذه النقطة، بإنه هناك تناقض صريح وبين، فى تطبيق إدارة حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لإستراتيجيتها تجاه الوضع فى ليبيا. حيث سبق الإشارة، إلى أن إدارتها كانت تُخطط لتجميع المعارضة فى كيان تنظيمي واحد (الجبهة)، للقيام بنسف مصداقيته، وخلق حالة من الإحباط العام بين الليبيين فى الداخل والخارج على السواء؛ وذلك من أجل دعم إستقرار نظام الحكم الفاسد فى ليبيا، هذا بيد.

 

ثم، تسعى ـ باليد الآخرى ـ لإكساب المعارضة، ممثلة فى الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، ورقة الشرعية الدستورية، من خلال الإيعاز لقيادتها، بالتوجه للملك إدريس والحصول منه على تفويض أو التنازل لها عن حقه الشرعي فى حكم البلاد.

 

بعبارة أُخرى، إن إدارة الحكومة الأمريكية، تخطط ـ من جانب ـ حسب إستراتيجية مصالحها الإقتصادية والسياسية، إلى تثبيت حكم نظام القذافي وحمايته، وذلك من خلال تجميع المعارضة فى تنظيم الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، ثم تقوم بالقضاء عليها، عن طريق إقحامها فى فخ شباك وعودها الزائفة، بتغيير نظام الحكم الفاسد (وهذا ماحدث على أرض الواقع). ومن جانب آخر، تسعى لإكساب هذه المعارضة ـ المراد القضاء عليها ـ ورقة الشرعية الدستورية، التى يكمن فى إكتسابها، نجاحها فى تحقيق هدف أمتها المنشود. ثم تصاب (العقول المدبرة) بروع الصدمة، وذهول المفاجأة، عندما تمكن الإتحاد الدستوري الليبي من الحصول عليها !.

 

ولعل القارىء من الفطنة الكافية، بإن يلهمه حدسه، إلى فهم أن العقول المدبرة، بحكم علمها بأهمية خطوة حيازة ورقة الشرعية الدستورية، لا تريد أن يتمكن أي تنظيم معارض من نيلها؛ لذلك قامت بالإيعاز لقيادة الجبهة، بالسعى للحصول عليها؛ وهذا لم يكن من أجل إستخدامها فى برنامج نشاط الجبهة النضالي لتغيير النظام؛ بل من أجل تفويت الفرصة على أي تنظيم يبادر إلى السعى للحصول عليها، هذا من ناحية.

 

إما من الناحية الأخرى، فقد كان الغرض من هذه الخطوة، إحراق هذه الورقة كلية، مع القضاء على كيان تنظيم الجبهة، وعلى الشعور العام النابض بعزيمة تغيير النظام، السائد بين جموع الشعب الليبي؛ خاصة بين عناصر الطليعة الوطنية الواعدة.

 

وحسب المخطط المرسوم، فإن فشل الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، فى تحقيق وعودها وشعاراتها التى رفعتها، لأعضائها، ولأفراد الشعب الليبي، سيجهز بحتميته، على أسس كيانها كلية، وذلك ـ بالطبع ـ مع مساعدة بعض العوامل الأخرى، وأهمها التخلي عن مساندتها ودعمها من قبل دولة أصحاب العقول المدبرة ـ فى اللحظة الملائمة المرسومة ـ التى تجعل معظم أعضائها ينسحبون من كيانها، وتدفع بسحب كافة مؤيديها ومصادر دعمها (الأخرى) البساط من تحت أقدامها.

 

هكذا، كان المخطط المرسوم، والذى نجح فى جزءه الخاص، بزرع حالة من الأحباط الشاملة بين صفوف المعارضة الليبية الفاعلة، وبين عناصر طليعتها الوطنية الواعدة؛ عندما تم القضاء على جبهة الإنقاذ؛ لكنه فشل فى إحراق ورقة الشرعية الدستورية، التى لم تطرأ على أذهان العقول المدبرة لهذا المخطط، فى حساباتهم البشرية، فكرة فراسة المؤمن.

 

ولهذا، فقد جاء الإعلان عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، بالنسبة للعقول المدبرة، كمفاجأة لم تكن تدور فى مخيلتهم، أو حسبانهم، وكانت بمثابة الطامة الكبرى. ومع ذلك، فقد تأنوا فى رد فعلهم، وهذا ما ينسجم مع طبيعة العقلية التى تحكم أسلوب إدارة دولتهم، فى هذا المجال.

 

بينما على الطرف الآخر، فقد كانت ردة فعل المفاجأة ـ الصاعقة ـ على قيادة الجبهة ومؤسسيها، عنيفة وشرسة وعدوانية للغاية؛ خاصة من قبل الحاج محمد السيفاط، الذى لم يتوقع، أن ذات الطلب الذى رفض الملك الإستجابة له (فيه)؛ قد تحقق مناله لغيره !.[6]

 

ولعله من الضروري هنا، الإشارة لأمر فى غاية الأهمية، وهو أنني لا أحاول على الإطلاق، عبر المعلومات المدونة أعلاه، الربط بين قيادات ومؤسسي جبهة الإنقاذ، وبين تآمر العقول المدبرة، لتجميع كافة القوى المناهضة لنظام الإنقلاب، فى كيان تنظيمي واحد، متمثل فى تنظيم الجبهة؛ ليتم ـ من بعد ذلك ـ  القضاء على مصداقية شعاراته الواعدة بتغيير نظام الإنقلاب، بين أفراد المجتمع الليبي بصفة عامة، وبين صفوف المعارضة الليبية فى الخارج على وجه الخصوص؛ من خلال خطة مرسومة، تم إعدادها بإحكام وإتقان تام، لتؤدى عند الإنتهاء من تطبيق وحبك كافة ملاباساتها، إلى زرع حالة إحباط شاملة، وقتل شعلة الحماس الوطني المتوهجة فى وجدان قوى الطليعة الليبية، الساعية لإسقاط حكم نظام الإنقلاب.

 

وأكرر، فى هذا السياق، بأنني لم أعنى مطلقاً، فيم نقلت من معلومات أعلاه، إن قيادة الجبهة ومؤسسيها ونشطائها، على دراية بما يجرى خلف كواليس إدارة دولة العقول المدبرة. كما أنه ليس هناك أي إشارة ـ مني ـ إلى أن عناصر الجبهة، سواء على مستوى أفراد قمتها وقاعدتها، قد كانوا على علم بخطة أصحاب العقول المدبرة، وأنهم قد تواطأوا، أو شاركوا فى مخططها المرسوم بشكل أو بآخر.

يتـبـع ..

محمد بن غلبون

chairman@libyanconstitutionalunion.net

31 يوليو 2008


[1] حاولت سد ثغرة قلة التجربة والخبرة، من خلال الإستعانة بخبرة وتجربة الشخصيات الليبية المخضرمة مثل رئيس الحكومة الأسبق السيد مصطفى بن حليم، كما عرضت على بعضهم تولى مهام رئاسة الإتحاد الدستوري الليبي، من أجل تحقيق أهدافه الوطنية المنشودة. وكان من بين هؤلاء، على سبيل المثال، رئيس الوزراء الأسبق الأستاذ عبدالحميدالبكوش، والأستاذ محمد بن يونس الذي تولى منصب عميد بلدية مدينة بنغازي في دولة الاستقلال، ثم منصب محافظ المدينة في عهد الانقلاب، ثم منصب وزير الخدمة المدنية، وبعد ذلك عين فى منصب وزير الوحدة. وللمزيد من التفاصيل فى هذا الشأن، راجع الأجزاء رقم 3 و 4 و 6 ، و كذلك الأجزاء رقم 8 و 9 من هذه المقالة والتى تجدها على الروابط التالية:

http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc01076a.htm

http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc15076a.htm

http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc11086a.htm

http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc11096a.htm

http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc22096a.htm

[2] للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع راجع مقالة "لقاءات حذرة بين الاتحاد الدستوري الليبي والسلطة الأميركية: أوراق مرحلة" المنشورة في صحيفة "الحياة" اللندنية بتاريخ 29 أغسطس 2005، وذلك باتباع الرابط التالي:

http://www.daralhayat.com/opinion/08-2005/Item-20050828-fe179261-c0a8-10ed-0038-fb5993411b13/story.html

[3] راجع تفاصيل لقائي ببعض هذه الشخصيات، فى الأجزاء رقم 8 ورقم 11، والتى تجدها على الروابط التالية:

http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc11096a.htm

http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc12116a.htm

[4] نشرت جريدة واشنطن بوست في عددها الصادر بتاريخ 12 يونية 1985 مقالة للكاتب الأمريكي جاك أندرسون، الذى عُرف عنه أنه يستقى معلوماته الصحفية من إدارة الحكومة الأمريكية مباشرة، جاء فيها : " لقد دعم السعوديون الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا بما لا يقل عن سبعة ملايين دولاراً أميريكياً. وتم فى هذا الإطار إستخدام مصطفى بن حليم (رئيس وزراء ليبيا الأسبق) الذي يعمل ـ فى الوقت الحالي ـ كمستشار للمملكة السعودية، ويقوم بدور الوساطة بين حكومتها وبين المقريف ".  ( مرفق أدناه نسخة مصورة من تلك المقالة ).

 [5] يمكن للقارىء الإطلاع على كافة تفاصيل حيثيات تلك الزيارة، وما جرى بها من أحداث ووقائع، من خلال العودة لمحتويات الجزء الثاني عشر من هذه المقالة، الذى يمكن إيجاده على الرابط التالي:

http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc27116a.htm

[6] راجع الأجزاء رقم 5 و 10 و 12 ، من أجل معرفة المزيد من التفاصيل حول ردود فعل قيادات ومؤسسي الجبهة، عقب الإعلان عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، والتى تجدها على الروابط التالية:

http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc29076a.htm

http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc28106a.htm

http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc27116a.htm

 

نسخة مصورة من المقالة المنشورة بجريدة واشنطن بوست في عددها الصادر بتاريخ 12 يونية 1985

 
 

نشرت هذه الحلقة يوم الجمعة 1 أغسطس 2008على المواقع الليبية

"ليبيا وطننا" و "ليبيا المستقبل" و "المنارة"

 

 
عودة إلى أعلى الصفحة

 

 

 

 

 

 
 
 

بسم الله الرحمن الرحيم

نظام القذافي ... صناعة ومحميّة استعمارية

محمد بن غلبون

رئيس الاتحاد الدستوري الليبي

chairman@libyanconstitutionalunion.net

4 أغسطس 2008 

ان ما جاء عن محمد المقريف وعن مصطفى بن حليم وعن محمد السيفاط في الحلقة رقم 22 من مقالة "الاتحاد الدستوري الليبي : تأسيسه ونشأته" المنشورة على هذه الصفحة بتاريخ أول أغسطس 2008 [1]، ما هو إلا تكرار لما كان قد نشر عنهم في الحلقة رقم 5 المنشورة بتاريخ 29 يوليو2006 [2] ، والحلقة رقم 6 المنشورة بتاريخ 11 أغسطس 2006 [3]، و الحلقة رقم 12 المنشورة بتاريخ 27 نوفمبر 2006 [4].  ولم يطعن أصحاب الشأن في صحة ما جاء عنهم عند نشر تلك الحلقات ، كما لم تثر أية زوبعة للتحريش بيننا، كالتي تثار هذه الأيام.

 

وملخص الجديد في الحلقة رقم 22 أن انقلاب القذافي صناعة استعمارية وأن أجهزة مخابرات تلك القوة الاستعمارية قد هبّت لنجدة نظامه عندما تململت الطليعة الوطنية الليبية وبدأت في التحرك في طريق الإطاحة بنظامه، فاستهدفت المخابرات الاستعمارية وجود نخبة الوطن وشجعانه في تنظيم "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا" ثم قادتهم إلى هاوية الفشل والخذلان من أجل حماية عميلها الفعّال ونظامه المخرّب في المنطقة، والاستمرار فرض قبضتها الاستعمارية على ليبيا، وضمان تحكّمها في مستقبلها مثل ما هي متحكّمة في حاضرها، وهذا ليس غريباً ولا جديدا ًعلى أجهزة مخابرات الاستعمار المعاصر.  

فكيف يثير هذا العرض حفيظة من يدّعي الوطنية أو المعارضة؟  خصوصاً ونحن لم ننكر ولا ننقص من البطولات الفردية العظيمة والمواقف المشرفة والصفحات البيضاء التي تركها الشهداء والثابتون على المباديء!

 

كما أضفنا في الحلقة رقم 22 إلى ما سبق ذكره أننا على الرغم من ادراكنا لكل ما كان يجري في فترة مبكرة، إلا أننا عجزنا عن إيقافه ولم نوفق إلا في انقاذ الورقة الدستورية من التردّي في نفس هاوية الخذلان الذي سيقت إليه المعارضة الليبية ، ليجدها المناضلون متى هبّوا من جديد ـأو من يأتي من بعدهم ـ لإنقاذ الوطن من الاستعمار المعاصر والتخلص ـ في ذات الوقت ـ من سلسلة الانقلابات العسكرية. 

 

كذلك فقد أنجينا علم الاستقلال من كارثة الثمانينيات واحتفظنا به نظيفاً عالياً ـ في وجه خرقة الانقلاب ـ وهاهو اليوم يزيّن صدور كل الأحرار من أبناء الوطن، وسيرفرف بإذن الله ـ بدون منازع ـ فوق الحل الوطني في المستقبل.

 

وأود في الختام أن أسجل ملاحظتي لمنح الدكتور ابراهيم اغنيوة للقب "كاتب ليبي" لكل صاحب اسم مستعار يملأ صفحته بالسباب والشتائم.  وهذا ليس عتاباً لغنيوة، ولكنه بدافع الغيرة على صفة "الكاتب الليبي" وسمعته.

ـــــــــــــــــــــــ

[1] http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc01088a.htm

[2] http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc29076a.htm

[3] http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc11086a.htm

[4] http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc27116a.htm

 
 

نشرت هذا المقال يوم الثلاثاء 5 أغسطس  على المواقع الليبية

"ليبيا وطننا" و "ليبيا المستقبل" و "المنارة"

 

عودة إلى أعلى الصفحة

 

 

 

 

 

 
 

http://www.libyanconstitutionalunion.net

Email: lcu@lcu-libya.co.uk

بسم الله الرحمن الرحيم

"الاتحاد الدستوري الليبي: تأسيسه ونشأته"

(بيان توضيحي)

17 شعبان 1429   الموافق   19 أغسطس 2008


 

نكتب للتأكيد على قناعة الاتحاد الدستوري الليبي بأن معمر القذافي لم يصطدم حقاً بالمعارضة الليبية في الثمانينيات من القرن المنصرم وينتصر عليها كما يبدو في الظاهر.  بل أنها قد أجهضت من أجله من قبل صانعي نظامه وحُماته الذين استغلوا ـ لإنجاز تلك المهمة ـ أطماع صنائعهم من بعض المعارضين في الحكم، وضيق أفق آخرين، واستعجال أكثر الوطنيين المتحمسين لخلاص الوطن.

 

وقد كنا بصدد نشر بعض القرائن والشواهد المتوفرة لدينا ـ في عدة حلقات ـ والتي من شأنها أن تعزز هذه القناعة التي أعرب عنها بصراحة الشيخ محمد بن غلبون في الحلقة رقم 22 من سلسلة مقالته التوثيقية "الاتحاد الدستوري الليبي: تأسيسه ونشأته" التي تناولت تنظيم "الجبهة الوطنية لانقاذ ليبيا" لنختم بذلك تلك السلسلة.

 

إلا أن قفز يوسف شاكير الأرناؤطي لتصفية حساباته ـ وربما أكثر من ذلك ـ مع زملاءه السابقين في "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا" بنشره سلسلة جديدة من المقالات على حلقات متتابعة ستتزامن مع نشر حلقاتنا جعلنا نعيد النظر في حكمة الاستمرار في تقديم ما لدينا في هذه الأجواء.

 

فعلى الرغم من أن يوسف شاكير الأرناؤطي كان من مؤسسي الجبهة وكبار ناشطيها ودعائمها، مما يعطي شهادته أهمية خاصة، إلا أنه قد انسلخ عن صف المعارضين منذ مدّة طويلة وانحاز بابتذال إلى صف نظام الانقلاب وصار من أبواقه.  ولا شك في أن غرضه مما ينشره غير غرضنا، وأن هدفه غير ما نصبوا إليه بالتأكيد.  ولذلك فقد قررنا التوقف ـ مؤقتاً ـ عن نشر المزيد في هذا الصدد والاكتفاء بما سبق  نشره في مناسبات متفرقة، والذي نظن أننا قد أوردنا فيه ما يكفي لإلقاء الضوء على ما كان غامضاً.

 

فإننا لا نرضى بأن نكون مع أبواق النظام ـ في أي وقت من الأوقات ـ ضد إخواننا في المعارضة مهما كانت أخطاؤهم في السابق.  فالمادة التي نقدمها ـ كما سبق وأن أكدنا في أكثر من مناسبة ـ للحقيقة والتاريخ والمستقبل وليست بحال من الأحوال لتصفية حسابات كما يحب أن يسميها بعض من أعمتهم أهوائهم وأطماعهم الشخصية عن المصلحة الوطنية.

 

 

نشر هذ البيان يوم الخميس 21 أغسطس  2008 على المواقع الليبية

"ليبيا وطننا" و "ليبيا المستقبل" و "المنارة"

 

 
عودة إلى أعلى الصفحة
 

 

 

 

 

 

 
 
 
 

 

 

 

 

Copyright © 1999 LCU. All rights reserved.
Revised: December 04, 2013