" صوت الكويت " تفتح ملف الحزب الذى يقول انه الشعب
نفسه
الإتحاد الدستوري الليبي
:
نرفض سياسة الإنقلابات وعلى شعبنا العودة
إلى الشرعية ودستور 1951
الأثنين 9 ذو القعدة 1412 الموافق 11 مايو 1992
لندن
: نصر المجالي
في خضم الأزمة الليبية ـ الغربية الراهنة ، برزت إلى السطح تحركات فئات
المعارضة الليبية على مختلف توجهاتها في الخارج ، وقد سلطت الأضواء في
عواصم عديدة على تحرك هذه الفئات ومدى نجاحها في الامساك بزمام الأمور
في حال سقوط النظام الحالي بقيادة العقيد معمر القذافي ، ولكن اللافت
للأنتباه هو أن أياً من فصائل هذه المعارضة لم يقدم برنامجاً شاملاً
للمرحلة المقبلة ، الأمر الذى يزيد من غموض توجهات المعارضة الليبية ،
سواء تلك التى تتخذ من عواصم عربية منطلقاً لها أو تلك التى في عواصم
غربية .
وفي حين أنفض سامر إجتماع بعض أطراف المعارضة الليبية في مدينة دالاس
الأمريكية قبل أكثر من ثلاثة أسابيع من دون قرار حاسم ومؤثر وعاد
المجتمعون إلى مواقعهم فى عواصم الشتات ، فإن التوقعات التى رافقت
تطورات أزمة المواجهة بين طرابلس وعواصم غربية بسقوط محتمل للنظام
القائم في ليبيا أصبحت بعيدة المنال ، وهذا ما يؤكده أحد فصائل
المعارضة الليبية " رغم أنه لم يشارك في مؤتمر دالاس " وهو الإتحاد
الدستوري الليبي الذى أنطلق العام 1981 ويتخذ من مدينة مانشستر
البريطانية مقراً له منذ ذلك الحين .
وفيما يعترف رئيس الإتحاد ومؤسسه الشيخ محمد بن غلبون فى حديث لـ " صوت
الكويت " أن إنهيار النظام الليبي ليس وشيكاً وأنه من الغباء السياسي
التحالف مع " الأجنبي " لإسقاط النظام ، فإنه يشير إلى انهيارات عديدة
ستشهدها ليبيا كنتيجة لإستمرار النظام فى " ممارساته ضد ابناء الشعب
الليبي " .
وإلى ذلك فقد تركزت الأضواء على الإتحاد الدستوري الليبي بشكل واضح بعد
إعلان نشره الإتحاد الدستوري الليبي فى ابريل (نيسان) الماضي حول
الحالة الصحية لولي العهد الأمير الحسن الرضا الذى يعيش فى المنفى
الإضطراري منذ العام 1988 .
وقد شرح الإعلان بشكل مسهب ومؤثر حالة الأمير الصحية والمادية ، منذ
بداية سبتمبر (أيلول) 1969 وهو يوم إعلان تسلم العسكريين الحكم بقيادة
العقيد معمر القذافي . وقد عرض الإعلان الذى وجه
كرسالة
مفتوحة إلى العقيد معمر القذافى (النص فى مكان آخر) .
وتشاء إرادة الله تعالى أنه بعد نشر هذا الإعلان بأقل من شهر ينتقل
الأمير الحسن الرضا إلى رحمته تعالى ، ويدفن بمبادرة كريمة من حكومة
خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز فى البقيع فى المدينة
المنورة .
يقول رئيس الإتحاد الدستوري الشيخ محمد بن غلبون : إن الإتحاد تأسس فى
مانشستر فى 7 أكتوبر (تشرين الأول) 1981 ، وهذه المناسبة توافق الذكرى
الثلاثين لإعلان الدستور الليبي. وهو فصيل من فصائل المعارضة الليبية
وجابه نظام القذافي ورفض وجوده وحارب بشتى الوسائل الممكنة ظلمه وعسفه
.
ولكن الفصيل يختلف عن بقية الفصائل أنه لم يعرض نفسه كبديل لنظام
القذافي . وذلك لأن منطلق الإتحاد الدستوري هو أن التغيير يجب أن يتم
بطريقة حضارية ويكون على أسس وطنية ، وان يخرج البديل من القاعدة
الشعبية مستنداً على الدستور الليبي الذى وضعته جمعية وطنية ليبية تم
اختيارها تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة العام 1951 ، وهى وضعت بنود
الدستور حيث تم اختيار شكل الدولة فى استفتاء عام أشرفت عليه الأمم
المتحدة ، وكان نتيجة ذلك الاستفتاء أن الشعب الليبي بأغلبيته اختار
نظام الحكم الملكي واختار شخص الملك إدريس السنوسي (يرحمه الله) وكان
آنذاك أميراً لبرقة ، وقد وضعت الجمعية الوطنية بنود الدستور ، ورفعته
للأمم المتحدة ، وطرحت فكرة إستقلال ليبيا بناء على ذلك الدستور
وهذا يجعل ليبيا الدولة الوحيدة التى
أوجد
دستورها قبل إستقلالها وقبل عرشها الذى جاء خياراً شعبياً عبر إستفتاء
عام
. وهذا مكسب وهو تراث ، ولقد أسقط نظام القذافي هذا الدستور والمؤسسات
الديمقراطية المبنية عليه .
ويقول الشيخ بن غلبون " وعلينا أن لا نعيد أو نجيز هذه البادرة فى
التاريخ السياسي الليبي " ويضيف " وإذا أستعجلنا على إزالة القذافي
وإستبداله هو ومجلس قيادة ثورته بضابط آخر أو بحزب أو بغيرهم من فصائل
المعارضة ، فإننا سنكون ساعتها دخلنا الدوامة التى دخلت فيها دول عربية
أخرى من خلال الإنقلابات .. أي إنقلاب يزيل إنقلاباً ، وكل إنقلاب يأتى
يبدأ بالتأريخ للبلاد منذ أن أتى هو إلى السلطة وهذا ما فعله القذافي
منذ سبتمبر (أيلول) 1969 " .
ويتابع " ولذلك فأنه فى الوقت الذى يحارب فيه الإتحاد الدستوري القذافي
ووجوده ويعمل على إطاحته من السلطة فأنه يدعو إلى قطع الطريق على
أمثاله في الوصول إلى السلطة " .
وعند سؤاله عن ما تمخض عنه مؤتمر المعارضة الليبية فى دالاس الأميريكية
أخيراً ، قال الشيخ بن غلبون :
" لا أصف أي معارض للقذافي بأنه بديل للقذافي لأن هذه وصمة مشينة في
الحقيقة ، ولا أعتقد أن أحداً من المعارضين له أو الطامعين فى السلطة
سيكون فى نفس السوء الذى عليه النظام الحالي ، ولكن أغلب زملائنا فى
المعارضة ، وفى الفكر العربي بشكل عام ، يرون أن يُزال ظالم ويؤتى
بظالم آخر ، نحن فى الإتحاد الدستوري نعتقد أنها ليست الطريقة الصحيحة
لذلك فأننا ننطلق من حس دستوري ، تاريخي وتراثي ، لبناء دولة مرتبطة
بشعبها وليس باشخاص باسمائهم ، نحن نطالب بما يحتاجه كل الوطن العربي
لأن فترة الخمسينات والستينات والسبعينات كانت فترة انقلابات وفترة
تيارات دخيلة على وطننا ، واطماع تسترت بستار القومية وبستار الدين
أحياناً ، وبستار الديمقراطية والحقيقة كلها انقلابات عسكرية أو سياسية
بشكل اخر ، تلك الفترة قادت شعبنا العربي إلى دوامة ليس من السهل ،
الخروج منها ، كما انها شوهت فكر الشعب العربي حتى انه اصبح يرى ان
الانقلابات هى الطريقة الوحيدة للتغيير وهذا منزلق خطير .
لذلك فان الإتحاد الدستوري يطالب بيقظة عربية كاملة وتحديد حد فاصل مع
هذه الدوامة لنؤكد دساتيرنا وتراثنا ، فكل دولة عربية عندها
أرضية صلبة لا تسمح للأشخاص أن يسرقوا مكاسبها الشعبية وقوانينها التى
قاتل من أجلها الأباء والأجداد وهى ملك للجميع ، فحرية المواطن ليست
هبة من الحاكم ، وهذا ما نسعى إليه وهذا ما نعتقد أن الشعب العربي كله
بحاجة له فى هذه الفترة لمحو سوابق الإنقلابات .
***
***** ***
**
*** **
*
** *
*
الجزء الثاني
بن غلبون: نحن مع خيار الشعب الليبي 2/2
الثلثاء10 ذو القعدة 1412 الموافق 12 مايو 1992
يؤكد رئيس الإتحاد الدستوري الليبي الشيخ محمد بن غلبون
ان حزبه غير
مرتبط بشكل معين للنظام المستقبلي فى ليبيا ، وإنه لا يروج لأي شكل من
أشكال الحكم رغم تمسكه بالدستور الذى هو " مكسب حضاري للشعب "
،
ويقول لـ "صوت الكويت" إننا فى الإتحاد الدستوري نقول " النظام الملكي
وشخص الملك يرحمه الله تم عبر إستفتاء شعبي ولا يجوز استبدال ذلك
النظام أو اسقاطه إلا بطريقة مماثلة أو عبر برلمان منخب " . ويضيف "
ولذلك فنظام القذافي اسقط البرلمان ولكنه لم يسقط الشعب " ، وهذا بحد
ذاته منطلق لنا لإستفتاء الشعب لإعادة النظير فى القرار الذى أتخذه فى
العام 1951 ، فإذا كان الشعب يعبر عن رغبته فى إعادة النظام الملكي
فهذا شأنه ، وإذا كان يرى فى الاستفتاء ان الزمن قد تغير ويحتاج إلى
شكل نظام آخر ، فهذه ارادته .
وأسأل الشيخ بن غلبون عن علاقة الإتحاد الدستوري مع ليبيا الداخل
وليبيا الخارج ، فيقول : " دائماً هناك تواصل بين الإتحاد الدستوري
والشعب فى الداخل ، وهناك اتصالات واحياناً تضعف ، ثم تقوى .. إلخ ،
حسب الظروف " .
فالإتحاد الدستوري
عندما بدأ دعوته كان داخلاً إلى ساحة مملوءة بالإشاعات والتشويه الذى
صممه القذافي للتعميه على أهداف الإتحاد ، وعندما بدأنا عملنا كانت
الساحة الليبية قد تأثرت باعلام القذافي بان النظام الملكي كان ضد
الرغبة الشعبية وبان الملك كان ظالماً ، وانه لم يكن هناك استقلال
حقيقي .
فالمكاسب الشعبية ذهبت أدراج الرياح ، واستدرج الشعب الليبي إلى دوامة
الإنقلابات حتى انه أصبح يفتش عن استبدال القذافي نفسه بشخص آخر .
ولقد ركزنا عملنا على مجابهة التشويه والتعتيم الذى اقامه نظام القذافي
، وعندما انطلق الإتحاد العام 1981 وقال " عاش الملك " .. وطالبنا
بالعودة إلى الدستور .. ورفعنا علم البلاد الأصلي ، جوبهنا بسلبية تامة
داخل البلاد وجوبهنا بعداء مرير من اخواننا المعارضين الآخرين .
فلم يفهموا دعوتنا ، وفهموها على أنها دعوة عشائرية وقبلية لإعادة
الرجعية ، اخواننا فى المعارضة أيضاً كانوا متأثرين باعلام القذافي
وعندهم المشكلة نفسها ، بل انهم يفكرون نفس تفكير القذافي لأن بعضهم
كان يعمل معه ، وساهم معه فى إنقلابه ، وفكرهم بنفس الكيفية ونفس
التشكيلة ، إضافة إلى أن هناك أطماعاً لدى البعض ، فهناك أناس يريدون
إزالة القذافي لكى يتولوا السلطة بدلاً منه ، هؤلاء يريدون أن يكون لهم
الفضل فى إنقاذ الشعب ثم بعد ذلك يتمننون على الشعب بحريته ، وهذه عادة
الفكر الإنقلابي فهو يتكرم دائماً على الشعب بحريته ثم يسحبها منه متى
شاء .
هذه المجابهة استمرت حتى بعد وفاة الملك إدريس العام 1983 ، وفجأة بدأت
الاتجهات تتغير ، فالمعارضة التى كانت تسمى الإتحاد الدستوري حركة
رجعية وحركة نكوص بدأت ترفع علم البلاد الذين كانوا يسمونه فى البداية
" علم الإتحاد الدستوري " أو " علم المملكة " أو " علم العرش " ،
المعارضة الآن بدأت ترفع العلم نفسه . والقاعدة الشعبية بدأت تستيقظ من
غفوتها ومن " المطب " الذى وضعها فيه القذافي ، فهى بدأت تتحرك
لإستعادة شرعيتها ومكاسبها الشعبية عبر العودة إلى الدستور لأنه يعبر
عن الهوية الحقيقية للمواطن الليبي .
ويتابع الشيخ بن غلبون قائلاً فى حديثه الذى شارك فيه شقيقه هشام بن
غلبون " منذ وفاة الملك عام 1983 طرحنا فكرة تأسيس جمعية وطنية جديدة ،
لتشكل اطار لعملنا ، وتضم جميع فصائل المعارضة من دون أي تحفظ على أي
شخص كما تضم جميع الشخصيات التاريخية فى ليبيا والمنتخبة سابقاً ،
لتقوم الجمعية بمهمات برلمان العام 1951 ، وتشرف على الفترة الانتقالية
، وتشرف على الاستفتاء الذى يتم فيه النظر بشكل الدولة ونظام الحكم
الذى تهدف اليه ، ثم تقدم الشعب الليبي إلى العالم بشكل حضاري ..
وقد رفض هذا الاقتراح ، واخواننا فى المعارضة رفضوه أيضاً ، وقالوا هذا
لا حاجة له ، لانهم يعتقدون أنهم هم أصحاب الشرعية الحقيقيون ،
والحقيقة أنه لا يوجد أي واحد منهم منتخب من قبل الشعب . والآن تراجعوا
، ففى اجتماع دالاس الآخير قدموا عرضاً مشابهاً لما كنا عرضناه ،
واعتبروا ذلك جديداً " .
وإلى ذلك يقول بن غلبون (الذى ينتمى أساساً إلى عائلة مالكة هو الآخر ،
حيث ينحدر من عائلة أحد ملوك الطوائف وهو الملك بن غلبون فى الأندلس)
اننا نعتبر تجديد بيعتنا كاتحاد دستوري للملك وهو على قيد الحياة بادرة
انفردنا بها من دون غيرنا ..
والمعارضة ذاتها الآن عادت للتحدث بصوت عال عن الملك إدريس يرحمه الله
وتاريخه العظيم حيث بدأت فى استثمار تاريخه ، وهذا فخر لنا فى الإتحاد
فلقد بايعنا الرجل وهو على قيد الحياة ، ومن دون طموحات ، ورأينا اعادة
الحق إلى أهله الأصليين ، فانقلاب القذافي أهان شخص الملك واساء إليه
، والشعب الليبي يشعر حالياً بتأنيب الضمير وبالاهانة ، ويرى ان اهانة
الملك تعتبر وصمة عار يجب ان تنمحى " .
ويقول إن قاعدة الإتحاد الدستوري هى الشعب الليبي كله ، فليبيا الآن
منقسمة إلى ثلاث فئات : الشعب ، والقذافي ، والمعارضة ، وهذه الآخيرة
تحارب ظلم الثاني لتحل محله ، وقد تكون أسوأ أو أحسن ، ولكن
اللاعب
الثالث هو الشعب المغلوب على أمره ، ولذلك فلابد من التحرك تجاهه ،
وعبر الشرعية والدستورية وهذا هو طموح الإتحاد الدستوري الذى يمثل
الشعب ويعمل على إعادة كرامته ، لذلك فنحن جزء من الشعب الليبي وليس
جزءاً من المعارضة .
واسأل الشيخ بن غلبون سؤالاً أخيراً عن ردة الفعل حول الإعلان الذى نشر
عن حالة ولي العهد الصحية قبل وفاته ، (أمس نشرت صوت الكويت الإعلان
مترجماً عن
الغارديان
البريطانية) فيقول " لقد كان ردة فعل عاطفية على جميع المستويات فى
ليبيا أو فى الخارج ، فلقد هزت هذه الواقعة التاريخية العالم سيما أنها
شوهت عائلة كريمة لها تاريخها ، ولا أحد كان يدرى عن مأساتها ولم يعد
يضعها أحد فى معادلاته .. فالناس كانوا يفترضون خطأ أن القذافي أعاد
للعائلة السنوسية الكريمة كرامتها وهيبتها ، ولكن الإعلان الذى نشر كشف
كل شيء ..
ويقول بن غلبون ، اما ردة الفعل العملية ، فلم تحصل ونعتقد أن عدم حصول
ذلك هو بسبب التروى عند بعض العائلات المالكة العربية الكبيرة الكريمة
، ذلك اننا نعتقد أن هذه العائلات الكريمة ترى أن أي تحرك باتجاه
العائلة السنوسية سيكون له حساباته خصوصاً فى ظروف ليبيا السياسية
الحالية " . ويتابع " ولا أخفى سراً بعثت برسالة إلى أسرة عربية عريقة
كريمة المحتد وتوسمت فيها الخير والنجدة التى تحتاجها العائلة المالكة
الليبية الكريمة ، ونحن نتوقع خيراً إن شاء الله " .
|