الدُستوريّون الجُدُد[1]
The Neo Constitutionalists
ورد في الآونة الأخيرة ذكر للإتحاد الدستوري الليبي مرتان في
سياقين مختلفين نود التعليق عليهما و تبيان بعض الحقائق.
المناسبة الأولى كانت موضوعية ورصينة وهادفة عندما طرح الكاتب
الليبي المعارض الأستاذ فرج الفاخري في الحلقة الثانية من
سلسلة "الفرص الضائعة" التي يقوم حاليا بنشرها على موقع "ليبيا
وطننا" والتي يتناول فيها مسيرة المعارضة الوطنية الليبية في
المهجر، مقدما ما شهد عليه بنفسه من أحداث وتطورات خلال
مواكبته لهذه المسيرة. وذلك بطرحه للتساؤل التالي في الحلقة
المذكورة التي نشرت بتاريخ 23 سبتمبر 2005:
"
لماذا لم ينجح تنظيم الإتحاد الدستوري الليبي في جذب واستقطاب
فلول المعارضة الليبية حول شعاراته التي نادى بها في تلك
الفترة المبكرة؟ وهي نفس الشعارات التي
تبنتها وترفعها معارضة اليوم! خاصة أنه من ضمن شعارات الإتحاد
الدستوري التى نادى بها عند قيامه، الإلتفاف حول شخص الملك
الذى كان لا يزال على قيد الحياة فى حينه، وهو ما يمثل ـ فى
حقيقة الحال ـ إلتفافاً حول رمز رأس الدولة الليبية الشرعي ".[2]
وكان الفاخري قد قدم قبل طرحه لهذا
السؤال إعتقاده بأنه لعل من أبرز تلك الفرص الضائعة ما تبلور
فى إنبثاق الإتحاد الدستوري الليبي، وذلك من خلال قوله:
"..
ظهور
الإتحاد الدستوري الليبي فى أوآخر عام 1981م، والذى تبلور هدفه
الأساسي فى حثه للآخرين على تبني فكرة إعادة الشرعية الدستورية
للبلاد بعد أن صادرها إنقلاب العسكر فى سبتمبر 1969م ".[3]
ثم دحرج الكرة إلى ملعبنا بمهارة ولباقة
وحِرَفية قائلا:
"لعله
فى المستقبل يتناول أصحاب هذا التنظيم ـ أنفسهم ـ شرح كافة
الملابسات التى أدت إلى ضياع الفرصة التى أتاحها هذا التنظيم
للمعارضة الليبية فى مطالبته لها بالإلتفاف حول الدستور ـ منذ
ربع قرن من الزمان ـ والذى لم يلتفت إليه أحد فى حينه، ليتغير
الموقف ويصبح اليوم أحد المطالب الرئيسية للمعارضة الليبية.
فهل كان سبب ذلك عجز وقصور من جانب أصحاب هذا
التنظيم فى شرح فكرتهم وتوصيلها للغير فى تلك الآونة؟ أم هو
تعارض فى الأفكار والمفاهيم بين القوى المعارضة المتنافسة هذه
الأسئلة وغيرها أتمنى من أصحاب الشأن إجلائها ".[4]
وقد تدارسنا الإجابة على تساؤله لإثراء الموضوع، إلا أننا
غلّبنا الرأي المُرجِّح لإرجاء فتح هذا الملف لكي لا يصرف
الإهتمام عن الزخم الوليد الذي تشهده ساحة العمل الوطني عقب
إجماع القوى الوطنية على ما اقترحه الإتحاد الدستوري الليبي
قبل ربع قرن من الزمان، ولأن تناوله سوف يكشف عن مواقف وردود
فعل تنظيمات معينة وشخصيات ليبية معارضة مرموقة كانت أبعد ما
تكون عن النزاهة والإنصاف، بل واتسمت بالوضاعة في بعض الحالات.
ومن المعلوم أن قضية كهذه إذا فُتحت لا بد أن تفتح بالكامل و
"بلا حدود" لأنها ستتحول إلى شهادة للتاريخ لا يمكن تخفيفها أو
التصرف فيها لمراعاة خاطر فلان أوسمعة علاّن أو رصيد ذلك
التنظيم، وما إلى ذلك من قيود الدبلوماسية التي تؤدي إلى تمييع
الحقائق وإخفائها.
إلا أن ذلك لم يدم طويلاً، فقد جاءت المناسبة الثانية التي
ورد فيها ذكر الإتحاد الدستوري خلال ندوة غرفة المؤتمر الوطني
للمعارضة الليبية على البالتوك، التي عقدت مساء السبت 12 رمضان
1426 الموافق 15 أكتوبر 2005 تحت عنوان "حول الدستور الليبي،
في ذكرى إعلانه"، على لسان حسين الفيتوري أحد ضيوف هذه الندوة
الثلاثة المكلفين بالحديث عن محاورها الرئيسية الثلاثة، وقد
قُدم على أنه عضو هيئة المتابعة للمؤتمر الوطني للمعارضة
الليبية الذي أنيطت به مهمة تناول المحور الثالث الخاص بـ "كيف
ينظر المؤتمر الوطني لدستور 1951؟" و"مطالب المؤتمر الخاصة
بالشرعية الدستورية" و"ما هي المعاني والدلالات؟".
وفي أثناء استعراضه لمواقف فصائل المعارضة الليبية من قضية
الشرعية الدستورية قال حسين الفيتوري على مسمع من المنسق العام
للجنة التنسيق في المؤتمر الوطني للمعارضة الليبية، ومنسق
الشؤون القانونية للمؤتمر الوطني، ومنسق العمل الوطني في
الخارج، بالإضافة إلى عدد من زملائه في هيئة المتابعة وهيئة
التنسيق ومعظمهم متابعين ومطلعين على مسيرة العمل الوطني في
المهجر منذ بداياته مايلي:
"... في ذلك الوقت أو تحديداً سنة 1981
كبّدنا
الإتحاد الدستوري الليبي المطالبة بالعودة إلى الشرعية
الدستورية من خلال تجديد البيعة للملك إدريس رحمه الله،
والمعروف أن الملك إدريس في ذلك الوقت كان مقيم في مصر، وكانت
قد تقدمت به السنّ.
وهذه الدعوة لم تجد حظا كبيرا من النجاح وذلك لعدة أسباب ليس
هذا مقام حصرها، ومنها تقدّم الملك في السن وعُزوفه الأصيل و
أكرر عزوفه الأصيل عن الخوض في هذه الأمور. خصوصا وأنه غادر
البلاد في أول أغسطس 1969 أو خلال أغسطس على ما أذكر بعد أن
قدم استقالته من منصبه للمرة الثانية خلال عمله كملك للبلاد.
وهنا تقع المسؤولية في الحقيقة في النهاية على السلطة
التشريعية والسلطة التنفيذية في ذلك الوقت، فكان الأجدر بها أن
تأخذ إجراءات حاسمة لقبول إستقالة الملك وتعيين ولي العهد أو
تغيير النظام من ملكي إلى جمهوري لتقطع الخط على الإنقلابيين و
غيرهم.
أما باقي تنظيمات المعارضة، يعني غير جماعة الإتحاد الدستوري
فهي مثلها مثل أي معارضة وطنية تتشكل وتعمل في الخارج أو
الظروف تفرض عليها أن تتشكل وتعمل في الخارج لم يكن بوسعها إلا
التعاطي مع القضية الوطنية حسب الإملاءات الوطنية و الإقليمية
والعالمية، وهذه نقطة جديرة بإهتمام المتابعين في الشأن الليبي
لأن في ذلك الوقت، لا أريد أن أقول ليس بالإمكان أبدع مما كان
ولكن هذه هي حقيقة الأمر. و في ذلك الوقت تلك الإملاءات
الوطنية و الإقليمية و العالمية لم تضع أي منها الشرعية
الدستورية في أولوياتها. كان واضح في هضك الوقت كان تيارات
قومية و غير قومية وغيرها وكان منه حتى زي ما يقولوا شعار "بس
انتخلصوا من هذه البلوة" ويسقط نظام القذافي وبعدين
انتفاهموا. وطبعا هضا فيه حسن نوايا لكن اجتهادات أدّت إلى ما
أدت إليه وليس هذا مجال شرحها لأنا نريد الآن التركيز على
موضوع الدستور وبالرغم من كل ذلك بالرغم من زي ما يقولوا
الإبتعادات عن الإملاءات التي فُرضت. وكما قلت فإن الجو القائم
في الثمانينات و بُعد الجميع عن التفكير في قضية الشرعية
الدستورية لم يمنع أن تقوم بعض المنظمات من وضع مشاريع دساتير
.واستمرت في اجتهادات وفكر قياداتها.
إنما كان أحد قيادات المعارضة الليبية وهو الأستاذ منصور
الكيخيا كان مهتما بهذا الموضوع ولكن لم يكن مهتما به بشكل
علني و من خلال برامج عمله، وفي نقاش مع أحد الوطنيين
المستقلين حول موضوع الشرعية الدستورية قال له ما معناه أنه
يكفي أن التحالف الوطني الليبي كان قد وضع علم ليبيا في شعاره،
ولو تكلمنا الآن عن الشرعية الدستورية ممكن يتهمنا الجميع
بالخيانة و التآمر، فأصبح التصدي بشكل فاعل عن قضية الشرعية
الدستورية في ليبيا غير وارد خصوصا بعد الوقائع والحصار على
ليبيا واستغلال النظام لهذا الحصار في تحقيق المزيد من الضغط
على الشعب الليبي وفي تخوين كل من يحاول من الخارج الكلام عن
الشرعية الدستورية". ثم انتقل الحديث إلى 1994 ".[5]
(انتهى النقل).
وهنا نجد من الضرورة بمكان أن نطرح تعليقنا على ما ذكره حسين
الفيتوري من إنتقادات حول مواقف الإتحاد الدستوري الليبي فيما
يلي:
لعله لا يخف التضليل المتعمد الذي مارسه حسين الفيتوري بتقييده
للدعوة الدستورية التي نادى بها الإتحاد الدستوري الليبي في 7
أكتوبر 1981 –فقط- فى نطاق مبايعة رمزها وممثلها الشرعي الملك
إدريس السنوسي رحمه الله الذى إختارته الأمة قائداً لها، والذى
لم ينس حسين الفيتوري فى غمار حمى إنتقاده أن يقوم بتجريده من
شرعيته الدستورية بحجة تقدمه في السن.
ويعتبر قول حسين الفيتوري السابق تضليلاً لمستمعيه لأنه أحجم
عن إكمال دعوة الإتحاد الدستوري التي تضمنها بيانه التأسيسي،
واقتطع منه
-
فقط
-
تلك الفقرة المذكورة لغاية مبيتة فى نفسه.
وفيما يلي النص المغيب من حديث حسين الفيتوري:
" يُعلن الإتحاد الدستوري الليبي عن تأسيسه استجابة لتطلعات
الشعب الليبي ودواعي العمل على إعادة الشرعية الدستورية إلى
البلاد و فرض سيادة القانون والنظام.
ويجدّد البيعة للملك محمد إدريس المهدي
السنوسي قائداً تاريخياً لكفاح الشعب الليبي من أجل الإستقلال
والوحدة الوطنية ورمزاً للشرعية في البلاد.
ويدعو كافة فئات الشعب الليبي إلى الإلتفاف حول عاهل البلاد و
الإنضِواء تحت لِوائه لإنهاء الحكم غير الشرعي القائم في ليبيا
حالياً و إزالة كل الآثار التي ترتبت على اغتصابه للسلطة منذ
أول سبتمبر 1969.
ويؤكد الإتحاد الدستوري الليبي على حق الشعب الليبي في إعادة
الأمور إلى نصابها ثم اختيار شكل الدولة و نظام الحكم الذ
يرتضيه بمحض إرادته الحرة عن طريق استفتاء يجري تحت إشراف
دولي في خلال فترة مناسبة من عودة الشرعية الدستورية إلى
البلاد ".[6]
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا هو: هل كان حسين الفيتوري،
المستميت هذه الأيام في المطالبة بالعودة إلى دستـور 1951
بعينه ودون غيره –بإعتبـاره أحد زعماء جماعة الدستوريين الجدد
(the
Neo Consts)-
يتوقع من الإتحاد الدستوري أو مِمَّن هداه الله في ذلك الوقت
لهذه المكرمة وهذا العمل الصالح أن ينادي بالدستور ويهمل شخص
الملك صاحب الشرعية الدستورية لأنه قد طعن في السنّ ولم تعد
لنا حاجة به!!! بمثل هذا القول يكون حسين الفيتوري قد تفنن في
فضح جهله المطبق بالقضية الدستورية التي كان مُستضافا للتبشير
بها في تلك الندوة، وذلك عندما قرر أنها تسقط عن صاحبها عندما
تتقدم به السنّ. وكأنه يقول إن الملك -بتقدمه في السن- قد
تجاوز تاريخ انتهاء صلاحيته الدستورية
(EXPIRY
DATE)
. وعليه فإن الإلتفاف حوله و تجديد البيعة له يعدّ "تكبيدا"
للقضية الوطنية.
فأين إحترام إرادة الشعب الليبي
إذن ؟ وإحترام خياره لقائده في المرّة الأولى والوحيدة التي
قال فيها كلمته، وأين هي تلك الشعارات والمبادئ التي ندعو إلى
التمسك بها ونسعى إلى نشرها بين الأجيال المتعاقبة ؟.
و لو أفترضنا جدلاً بأن الإتحاد الدستوري قد اشترط على
المعارضة الليبية مبايعة الملك للتمسك و المطالبة بدستور 1951،
كما يحاول حسين الفيتوري أن يوهم مستمعيه، أو على حد تعبيره
الجائر قد "كبّدها" ذلك، فما الذي كان يمنعه ويمنع غيره
من تجاهل دعوة الإتحاد الدستوري وضرب عرض الحائط بها ثم
المطالبة بهذه الشرعية على حدة بدون تضمين مبايعة الملك في
دعوتهم ؟ أو بتعبير أوضح عزله من منصبه كما فعل معمر القذافي
يوم 1 سبتمبر 1969.
ويواصل عضو هيئة المتابعة في المؤتمر الوطني حسين الفيتوري
حديثه في الندوة المذكورة بثقة معلّم التاريخ الذ يحاضر على
تلاميذ في الصف الإبتدائي فيقول فى سياق محاولته الساذجة
لإلصاق تهمة فشل الدعوة الدستورية بالإتحاد الدستوري الليبي
دون سواه:
" وهذه الدعوة لم تجد حظا كبيرا من النجاح وذلك لعدة أسباب ليس
هذا مقام حصرها، ومنها تقدّم الملك في السن و عُزوفه الأصيل و
أكرر عزوفه الأصيل عن الخوض في هذه الأمور. خصوصا وأنه غادر
البلاد في أول أغسطس 1969 أو خلال أغسطس على ما أذكر بعد أن
قدم استقالته من منصبه للمرة الثانية خلال عمله كملك للبلاد ".
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو " كيف عرف حسين الفيتوري ما
ادّعاه من عزوف الملك عن الخوض في مثل هذه الأمور التي أكّد
عليها مرتين فى حديثه المذكور ؟ فهل "تكبّد" هو شخصياً
عناء محاولة الإتصال بالملك ومعرفة موقفه من المساهمة في تخليص
الوطن من محنته ؟ وذلك في الإطار الصحيح ـ إطار الشرعية
الدستورية التي يمثلها ـ كما فعل فى السابق. فوجد الملك عازفا
عن الخوض في مثل هذه الأمور، ولهذا قام بتأكيد الأمر فى حديثه
السالف مرتين !!. أو هل سمع من شخص أو جماعة ذات مصداقية أنها
فعلت ذلك فردها الملك - العازف - على عقبيها ؟.
بل نسأل حسين الفيتوري: هل كبّد نفسه عناء - مجرد -
السؤال عن الملك وتفقّد أحواله في منفاه، أو حتى تهنئته فى
المناسبات الدينية، حيث كان يقضي العيد تلو الآخر، ورمضان تلو
رمضان فى وحدة قارصة لا يشاركها فيها سوى زوجته الملكة فاطمة،
متعها الله بالصحة، أو بمشاركة بعض أنفار من المخلصين الذين
يعدّون على أصابع اليد الواحدة ؟.
ودون أن نُكبد حسين الفيتوري الإجابة على على جميع هذه
الأسئلة، فنحن نعرف مسبقاً جوابها وهو النفي القاطع. فمن أين
إذن أتى بدعوى " العُزوف الأصيل للملك " وكأنها مسلّمة
لا تقبل النقد و لا المراجعة ؟.
كذلك فقد استأنف المحاضر محاولة إستغفال جمهور الحاضرين في
الندوة، أو أؤلئك الذين سيستمعون إليها لاحقاً، والذين
سيتعاملون معها كمصدر معلومات حقيقية، من خلال الإشارة لتقديم
الملك استقالته مرتين، وذلك فى غمار حملته المغرضة ضد الإتحاد
الدستوري الليبي لإثبات بطلان دعواه.
وكأن الإتحاد الدستوري، بدعوته الصريحة والتي لا لبس فيها "
لكافة فئات الشعب الليبي إلى الإلتفاف حول عاهل البلاد
والإنضِواء تحت لِوائه لإنهاء الحكم غير الشرعي القائم في
ليبيا حالياً وإزالة كل الآثار التي ترتبت على اغتصابه للسلطة
منذ أول سبتمبر 1969 ". كأنه يطالبه بالعودة للعرش الذي
يعلم الجميع أنه زاهد فيه أصلا. أو كأن الإتحاد الدستوري يملك
هذا الحق أو هذه القدرة على تنصيبه ملكا على البلاد.
وحتى وإن اختار البعض عدم تصديق تأكيد
"الإتحاد الدستوري الليبي على حق الشعب الليبي في إعادة الأمور
إلى نصابها ثم اختيار شكل الدولة و نظام الحكم الذ يرتضيه
بمحض إرادته الحرة عن طريق استفتاء يجري تحت إشراف دولي في
خلال فترة مناسبة من عودة الشرعية الدستورية إلى البلاد".
الذي ختم به بيانه التأسيسي وذلك
من باب الإحتياط والشك في النوايا النيتة ، فإن تقدم الملك في
السن، وتقديمه لاستقالته مرتين، كما أورد حسين الفيتوري فى
حديثه، كفيلة بأن تريح باله من هاجس العودة إلى النظام الملكي
الذي يتوجّس منه كل من لا يحبذ عودة هذا الشكل من أنظمة الحكم
!.
ويبدو أن المحاضر السياسي والمؤرخ قد نسي فى غمرة حديثه المتسم
بالجهل السافر وسوء النية أن الملك قبل أن يكون ملكا كان قائدا
للجهاد، وقد نالت بلادنا تحت قيادته الحكيمة استقلالها،
وخلاصها من براثن الإستعمار الإيطالي الغاشم.
إن مداخلة حسين الفيتوري هذه كانت مغرضة إلى أبعد الحدود،
ومليئة بالمغالطات والإنتقاص من قدر وحقوق الآخرين وبخسهم،
ومحاولة تحميلهم مسئولية الفشل الذى تقع مسئوليته على البعض
الآخر. وقد ظهر ذلك جلياً مرة ثانية في تحميله للسلطتين
التشريعية والتنفيذية مسئولية قيام الإنقلاب، بل تمادى في
محاولة تبرير ذلك التقاعس بالحصار المفروض على البلاد !!! مع
العلم بأن مايسمى الحصار لم يطرأ إلا في سنة 1992!!!.
نكرر التأكيد على أن طرح حسين الفيتوري كان منطلقه تجريم الغير
وتبرأة النفس. فنجده بعد أن اتهم الإتحاد الدستوري الليبي
"بتكبيد" مسيرة العمل الوطني، يقول:
" أما باقي تنظيمات
المعارضة، يعني غير جماعة الإتحاد الدستوري فهي مثلها مثل أي
معارضة وطنية تتشكل وتعمل في الخارج، أو الظروف تفرض عليها أن
تتشكل وتعمل في الخارج لم يكن بوسعها إلا التعاطي مع القضية
الوطنية حسب الإملاءات الوطنية و الإقليمية والعالمية، وهذه
نقطة جديرة بإهتمام المتابعين في الشأن الليبي لأن في ذلك
الوقت، لا أريد أن أقول ليس بالإمكان أبدع مما كان ولكن هذه هي
حقيقة الأمر ". !!!
ما ينقص حسين الفيتوري هو القليل من الشجاعة والنزاهة التي
أظهرها المعارض الليبي المخضرم الأستاذ نوري الكيخيا
عندما أعرب لممثل الإتحاد الدستوري في داخل المؤتمر الوطني
بالقول: " إن المعارضة الليبية اليوم تقف في نقطة الصفر
التي بدأ منها الإتحـاد الدستـوري الليبي قبل 24 سنة ".
ثم عاود وكرر القول "اليوم ثبت أن الإتحاد الدستـوري الليبي
كان له بُعد نظر فاقنا بـ 24 سنة".
هكذا يراجع الرجال مواقفهم ويعيدوا حساباتهم يا حسين الفيتوري،
وليس بإستغفال الناس وتزييف الحقائق ومعاملة الليبيين وكأنهم
مغيبين وغير قادرين على التمييز والمتابعة وفرز الغث من
السمين. خاصة وأنه قد تم تقديمك في تلك الندوة على أنك تمثل
المؤتمر الوطني للمعارضة الليبية المكلف بنقل وجهة نظره فيما
يتعلق بالقضية الدستورية، والمتوقع منك أن تقدم سردا تاريخيا
أمينا لمسيرة المعارضة الليبية في المهجر على مدى ربع قرن من
الزمان يحترم عقول مستمعيه، ويحترم القضية المقدسة التي نتصدى
لها، ويحترم - قبل كل ذلك - الشعب الليبي.
وفى
الختام نودّ التنبيه إلى الثلاث نقاط التالية:
وعلى مايبدو فإن سياستنا السابقة
بالتعالى عن الرد على من
تعرض لنا بمثل هذه الإدعاءات هو
ما جعلهم يتجرؤون علينا بمثل هذه الإفتراءات الباطلة. لذلك فقد
قررنا تغيير هذه السياسة لتحجيم الأذي والحد من الضرر. كذلك،
فإن ما دفعنا للرد بهذا التفصيل وهذا الحزم هو حرصنا على تبيين
الحقائق لشعبنا الليبي الذي يتابع ما يجري على ساحة العمل
الوطني في الخارج بتلهّف وآمال عريضة، والذي تعودنا طوال
مسيرتنا على احترامه والتعامل معه بشفافية ووضوح لإتاحة الفرصة
له لتقييم المواقف واختيار مواقع أقدامه بتزويده بمعلومات
حقيقية وموثقة، وهو أقل ما يمكن تقديمه له في محنته الراهنة
وفي ظل تعامل الإنقلابيين وأزلامهم معه وكأنه كيان مغيّب يحلّ
إستغفاله.
ونود أن نعلن كذلك في هذه المناسبة أننا قررنا فتح بعض ملفاتنا
لأبناء شعبنا في المستقبل القريب بإذن الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]
ليس المقصود بهذه التسمية إخواننا في المؤتمر الوطني للمعارضة
الليبية الذين أقدموا على خطوة حكيمة بتبني دستور الوطن، بل هم
فئة المتنطعين الذين لم يألوا جهدا في التصدي للدعوة الدستورية
وعرقلة فرص نجاحها على مدى أكثر من عقدين من الزمان ثم تحولوا
بين عشية وضحاها إلى دعاة مزايدين، يعملون بنفس الدرجة من
الحماس لملء الساحة بـ "حقائق" مغرضة لفبركة "تاريخ" جديد يلغي
أو يشوّه الآخرين ليبرروا به تقاعسهم عن الإستجابة لما ينادون
به اليوم، وهم في ذلك إنما يسلكون نفس السلوك الذي ينتهجه صاحب
الإنقلاب، والذي دأب على استغفال المواطنين والإستخفاف بعقولهم
بمحاولاته المتكررة في كل سنة لتقديم نسخة جديدة من التاريخ
لفترة ما قبل الإنقلاب تسوّغ وتبرر موقفه الكريه.
[2]
تجدها
فى الجزء الثاني من مقالة فرج الفاخري " الفرص الضائعة " تحت
الرابط التالي:
http://www.libya-watanona.com/adab/ffakhri/ff23095a.htm
[3]
نفس المرجع السابق.
[4]
نفس المرجع السابق.
[5]
بالإمكان الإستماع للتسجيل الكامل لتلك الندوة على موقع ليبيا
المستقبل، مع مراعاة أن المادة المنقولة هنا تقع ما بين
الدقيقة 63 والدقيقة 69 [1:03 -1:09] على مؤشر عداد التسجيل،
والتى تجدها على الرابط التالي:
http://www.libya-almostakbal.com/LibyaPaltalk/paltalkIndex.html
[6]
يمكنك الإطلاع على نص هذا البيان المنشور فى موقع الإتحاد
الدستوري الليبي، على الرابط التالي:
http://www.lcu-libya.co.uk/proclam.htm
_________________________________________
من إصدارات الإتحاد الدستوري الليبي
:
13
نوفمبر 2005.
lcu@lcu-libya.co.uk
|